تأجيل الانتخابات...إنه الحل
أن نسمع وعلى الملأ أحاديث عن مستقبل مؤسسة العرش؛ فهذا خطر كبير، ويرمز إلى وصولنا مرحلة لا تحتمل إلا مسارا سياسيا جديدا دون تردد ودون انتظار.
أزمتنا اليوم أكبر من محاولات تقزيمها من قبل البعض، فقد باتت مركبة وعميقة وأصبحنا معها نخشى على أمن الوطن ومستقبله.
الكل مطالب بتحمل مسؤوليته، وعلى ذات القدر والوطنية والإحساس بالخطر، فمؤسسات الدولة بكافة تفرعاتها والمعارضة والحراكات والقوى الشعبية، كلها اليوم مطالبة بلحظة صفاء، تقودنا نحو حوار ينهي أزمتنا العاتية.
الذهاب إلى الانتخابات ورغم إصرار الحكومة عليه، وعمل الهيئة المستقلة الدؤوب لإنجاحها، إلا أنها لم تعد يقينا، وأصبحت مؤشر مأزق وإدارة ظهر لمحنة حقيقية نعيشها جميعا.
ببساطة لم يعد للمكابرة مكان، فالوطن أهم وأعلى من كل هذه المكاسرات السلبية التي لن توقف انهيارا ولن تصنع تغيرا.
بالأمس صدر عن متقاعدي المخابرات بيان يتحدث عن فشل الإدارة وتجييش الناس بعضهم على بعض، ألا يعني هذا أننا بحاجة للقفز عن الأطر التي تعوق القرار ونبدأ من جديد.
ألم يكفنا تظاهرات وتحشيد متبادل واستقطاب وشتائم وفساد وأزمة معيشة كي نقنع بأن الحل لن يكون إلا بتغيير توافقي متوازن يعيد السكة لقطار الأردن وطاقات أبنائه.
نهاية الأزمة تحتاج إلى قرارات جريئة، وهي ليست مستحيلة، تبدأ من تأجيل الانتخابات وفتح الحوار على قانون انتخاب متوازن وتوافقي.
أهذا مستحيل؟ ألا يستحق الأردن وهو يعيش اليوم أشد أزماته أن يتم النظر للأمر بعين وطنية بعيدة على المباهلة والتحدي.
دعونا نكون كلنا في الحكومة والمعارضة والمؤسسات الأمنية والأهلية والإعلامية رجال وطن ورجال دولة، نصدق ونتصادق ونعيد للشعب اعتباره ونوقف كل الفاشلين والفاسدين عند حدودهم.
ما تصدع يحتاج إلى ترميم وجهد ووقت، ولن تغنيه مقولات الردح والشتم والعدمية ولن تنفع معه رقصات التهليل والتصفيق الأعمى هنا وهناك.
تقاليدنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية تحتاج إلى إعادة اعتبار، قيمة القصر ورمزيته تحتاج أيضا إلى إعادة اعتبار، وسلطة الشعب هي الحل ولا حل إلا من خلالها.
تأجيل الانتخابات يعني إطلاق عملية سياسية متكاملة يتوافق الجميع على حدودها الدنيا، وهنا أرى أن الوطن تعب ويستحق انعطافة سريعة قبل أن نعض على أصابع الندم.
(السبيل)