لملموا داخلنا قبل سقوط الأسد
كل المؤشرات تقول إن الحسم العسكري في سوريا أصبح على الأبواب، وهناك احتمالات واردة جدا بقرب سقوط نظام بشار الأسد بسرعة تفوق أي حل سياسي محتمل.
المعارك اليوم وصلت مطار دمشق، وزيارة لاريجاني الأخيرة وخطابة لضباط الجيش تشي بحجم الانهيار الحاصل في صفوف القوات النظامية، كما أن سير المعارك لا يحتاج إلى خبير حصيف كي يدرك وشاكة الانهيار.
قطعا نحن في الأردن مهتمون بما يجري هناك، وأية تداعيات مفاجئة وسريعة سيكون لها أثر كبير وملموس وربما لحظي في الداخل الوطني.
ولعلنا نتساءل: هل تدرك الدولة من خلال الحكومة والأجهزة المعنية أهمية وطبيعة التطورات العسكرية المتسارعة على المشهد السوري، أم أنها ما زالت تنظر إلى المشهد السوري بعين الترقب والتردد، وبفهم قاصر فقط على قناعات استقرار «السكونية والبطء» في أزمة جيراننا في الشمال؟
اتجاهات المعركة حسمت لمصلحة الثورة، أما التوقيت فهو رهن ربما بمفاجآت يجب أن نحسب لها ألف حساب، وهنا تكمن المبادرة الداخلية التي تحصن أوضاعنا، وتخفف من مضاعفات قادم المشهد السوري.
لا يعقل في ليلة سقوط بشار القريبة والمحتملة أن تكون جبهتنا الداخلية على هذه الحالة المزرية من الانسداد السياسي والعناد وطغيان المقاربة الأمنية.
آن الأوان كي نشعر جميعا بالخوف والقلق، وأنا أعني ذلك الشعور المسؤول والإيجابي الذي يكون له ما بعده من مواقف تمتن وتحصن مناعتنا الوطنية؛ كي تواجه أعظم التحديات والخطوب.
لن ينفعنا تهليل الإعلام الرسمي وتقزيمه حقيقة التحدي، ولن يجدي نفعا أيضا قسوة المطالب لدى الشارع، لا بد من قواسم مشتركة نهرع إليها ونتمسك بها قبل فوات اللحظة المناسبة.
انتخابات دون توافق وطني هي معادل موضوعي لمأزق كبير، ومجلس نواب لا يحقق التوازن الوطني ولا يعيد الاعتبار للمؤسسات هو أيضا مأزق سيتعاظم ويخنقنا مع الدخان القادم من الشمال.
كل الاحتمالات مفتوحة علينا بعد سقوط الأسد، لكن الشطارة أن لا نكابر، وأن نسارع إلى لملمة الداخل من خلال إطلاق عملية سياسية شاملة توافقية لا يستثنى منها أحد.
قبل فوات الأوان، وقبل تغير المعطيات والنفوس والأمزجة، تبدو اللحظة مواتية كي نحمل أنفسنا إلى بر الأمان، فهل من مجيب في مطبخ القرار؟
(السبيل)