كيف يتجاوز الأردن أزمته الاقتصادية؟
لاشك ان الازمة الاقتصادية التي تعصف بالمملكة اسبابها متعددة، منها ما هو خارج السيطرة مثل التداعيات الخارجية في الاقليم ، ومنها ما هو تحت السيطرة فيما يتعلق بالاسباب الداخلية.
حتى نستطيع ان نتجاوز الازمة الراهنة فان الحكومة الحالية واية حكومة مقبلة مطالبة بجملة كبيرة من الاجراءات الاقتصادية التي تصب اولا وأخيراً في تحقيق الاستقرار المنشود الذي يتطلع اليه المستثمرون .
اولى خطوات تجاوز الازمة الاقتصادية وتداعياتها هو الانفتاح والحوار بين كافة اطياف المجتمع خصوصا المعارضة الوطنية ، فهم في النهاية شركاء في الحل ولا يجوز استبعادهم او التفاوض معهم فقط عند الازمات ورفع الاسعار ، فهم مطالبون بان يشاركوا في وضع التصورات والحلول .
هذا الحوار يفضي في النهاية الى اعداد برنامج اقتصادي وطني يركز على محورين ، الاول متعلق بالقطاع العام والثاني مرتبط بالقطاع الخاص.
بالنسبة للقطاع العام يحدد البرنامج جملة من الثوابت التي يجب الالتزام بتطبيقها دون تجاوزها ، اهمها، الالتزام بعجز الموازنة المقدر في قانونها ، مع العودة الى قانون الدين العام والرجوع الى تحديد السقف الاعلى للدين وهو 60 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي .
اعداد موازنة مبنية على التقشف الحقيقي المتعلق بالانفاق الحكومي ، وهو امر لا يكون الا من خلال تبويب النفقات الراسمالية بشكل اقتصادي موضوعي من جهة، والحد من النفقات غير الرشيدة في عدد من القطاعات خاصة المرتبطة بالهيئات المستقلة.
الحكومة مطالبة باعداد حزمة تشريعات منظمة ومحفزة للعمل الاستثماري ، ويكون ذلك بانجاز قوانين الاستثمار والضريبة بشكل دائم ومستقر .
اما فيما يتعلق بالقطاع الخاص ، فان المطلوب في البرنامج الاقتصادي التنموي هو تعزيز الشراكة بين القطاعين وفق اسس جديد على ضوء التحديات التي تواجه بيئة الاعمال المحلية .
دراسة الواقع المؤلم الذي تعيشه فعاليات متعددة من القطاع الخاص على ضوء نقص السيولة وانحسار افاق التصدير للخارج وتشدد المصارف المحلية في منح التسهيلات لهم لاسباب مختلفة، في النهاية هناك منشآت وطنية بحاجة الى مساعدة حكومية ، والكل شاهد كيف سارعت حكومات الدول المختلفة الى تقديم كافة اشكال الدعم لقطاعها الخاص مقابل عدم قيامه بتسريح العمال لديه ، ما قد يفاقم مشكلة البطالة في تلك الدول ، وتتحول الازمة حينها من سياسية الى اقتصادية.
هناك الكثير من اتفاقيات التجارة الدولية التي وقعها الاردن في اطار اندماجه بالاقتصاد العالمي والتي اتضح عيوب الكثير منها فيما يتعلق بوضع عقبات امام الصادرات الاردنية الى الطرف الاخر كما هو الحال في اتفاقية الشراكة الاوروبية المتوسطية، حيث ان صادراتنا الوطنية كانت قبل الاتفاقية اكثر او تساوي ما عليه الان، ناهيك عن حالات الدعم المباشر وغير المباشر الذي تتلقاه سلع في الدول الاخرى وتدخل للسوق الاردني بمنافسة غير عادلة مع نظيرتها الوطنية.
ليس صحيحا ان الحل صعب ليكون الاردن اكثر استقرارا وتحفيزا لبيئة الاعمال ، كل ما نحتاجه اليوم هو ادارة حصيفة لانقاذ الاقتصاد والخروج من النفق الذي نعيشه الان .
(الراي )