العمالة الوافدة ..الحل تأخر
لا تمر حكومة الا وتؤكد في بيانها الوزاري ان احلال العمالة المحلية بدل الوافد هو على راس اولوياتها الاقتصادية التشغيلية للمواطنين ضمن جهدها وبرامجها الموجهة لمحاربة الفقر والبطالة .
ورغم تلك البيانات والتصريحات والبرامج والخطط التنفيذية فان ما يشهده سوق العمل الاردني يبعث على الاسى ، بعد ان تشبعت قطاعاته الرئيسية والحيوية بالعمالة الوافدة ، لا بل حتى القطاعات التي كان يعول عليها الاردن كثيرا في التشغيل مثل السياحة والصحة والتمريض وغيرها شهدت مؤخرا تراجعا حادا في تشغيل الاردنيين لصالح عمالة عربية واسيوية تحديدا .
اليوم بدات الحكومة في حملة تمشيط على العمالة الوافدة غير مرخصة ، المفاجاة كانت في الارقام التي اعلنتها الحكومة من ان حوالي 400 الف عامل وافد مخالف للقانون ، فكم يا ترى العدد الحقيقي للعمالة الوافدة بشكل عام في الاردن ؟.
الجنسية المصرية هي الاكثر عددا في العمالة الوافدة ، واعمالها تنحصر في المقاولات والحراسات ، ويوجد ما نسبته 65 بالمائة منهم في وضع غير قانوني ، في حين ان العمالة الاسوية وتحديدا من سيريلانكا وبنغلادش والفلبين تنحصر خدماتها في قطاعي الخدم والتمريض.
واضح ان الاعداد هائلة ومخيفة معا ، لانها تسيطر بشكل غير مباشر على الية العمل في القطاعات السابقة ، فالمقاولون يتذمرون من قيام الحكومات بتشديد الرقابة على تصاريح العمل للوافدين ، وتستاء من حملات الحكومة في ابعاد المخالفين للقانون من العمالة الوافدة ، والشيء ذاته على باقي القطاعات.
شخصيا انا مع ترتيب عملية استقدام العمالة الوافدة ضمن شروط رئيسية ابرزها نقص العمالة المحلية القادرة على العمل والمؤهلة لذلك تاهيلا صحيحا .
في هذا المجال من واجب الحكومة تلبية الحد الادنى تجاه شراكتها مع القطاع الخاص المعني بمسالة العمالة الوافدة، وهذا يكون بايجاد بديل عن العمالة الوافدة التي تسيطر على انتاجية العمل لديهم.
للاسف كل برامج الحكومات السابقة بلا استثناء تغنت بالعمالة المحلية وتشددت في العمالة الوافدة دون اي رابط تأهيلي او تدريبي ناجح في ذلك ، فمخرجات التدريب المهني في اضعف مستوياتها الفنية والتقنية التي تجعل من رب العمل يتطلع لتلك المخرجات ويوظفها لديه، وللاسف فان مخرجات الشركة الوطنية للتدريب والتشغيل لا تختلف عن مثيلاتها من البرامج السابقة ، لا بل ان الاموال التي انفقت على تلك الشركة كانت اضعاف ما تم رصده لجميع برامج التشغيل في المملكة .
جيد ان نتحدث عن العمالة الوطنية باحترام وتقدير ، ومن المفيد ان يكون لدينا ايضا استراتيجية للتشغيل الوطني وغيرها من البرامج التاهيلية والتدريبية ، لكن الاهم من ذلك كله هو التطبيق على ارض الواقع ، وان نشهد احلالا حقيقيا للعمالة الاردنية بدل الوافدة ، فلا يعقل ولا يصدق العقل ان دولة مثل الاردن يوجد بها اكثر من 88 الف خريج سنوي والبطالة تعصف باكثر من 50 بالمائة من تلك الافواج التي تذهب الى سوق البطالة بدل من سوق العمل ، ويكون لدينا اكثر من مليون عامل وافد ، هذا امر لا يقبله العقل السليم ابدا.
(الراي)