الأردن وترميم شرعية عباس

واضح أن هناك عناية أردنية خاصة بالرئيس محمود عباس، حتى إن بعض القيادات الفلسطينية المعتزلة الموجودة في عمان إذا ما لامت عباس علناً، سارعت السلطات إلى الطلب منها أن تحذر.
عباس اهتزت شرعيته بقوة بعد زلزال «الربيع العربي»، وتحديدا مع سقوط نظام مبارك، هذا إلى جانب فشله الكبير في استحقاق السلام ووقف المستوطنات.
الرجل ماجت الأرض من تحته بعد حرب غزة الآخيرة، وراعه ذهاب 14 وزير خارجية عربياً إلى حماس تحت القصف، وفي إطار من عباءة جديدة للمنطقة تنبئ بتغير موازين القوى.
الأردن ما زال يراهن على أبو مازن وفريقه المفاوض، وقد اتعبها ترنح الرجل في الداخل الفلسطيني وانكشافه إقليميا ودوليا.
السياسة الخارجية عندنا ما زالت ترى في مشروع أبي مازن مصلحة حيوية واستراتيجية، لن نناقشها هنا كثيرا وعميقا؛ لأن الرسمي يعدها مسلمات لأدائه.
لكن أبا مازن حين قرر الذهاب الى الجمعية العامة للأمم المتحدة، ونجح في نيل اعترافها بفلسطين كدولة مراقب، وجد في الأمر فرصة لترميم شرعيته المتصدعة.
ولو نظرنا إلى طريقة استقباله في رام الله، لاكتشفنا ما يثبت أنه أراد توظيف الحدث وتضخيمه إلى الحد الذي يعيد الاعتبار لمكانته التي اهتزت؛ بسبب توالي الضربات.
الأردن بدوره يعنيها أن تساهم في إعادة الاعتبار للرئيس أبو مازن؛ ذلك على اعتبار أنه يرى فيه القنطرة السياسية لمشروع حل الدولتين.
ومن هنا، رحبت الأردن باعتراف الجمعية العمومية المتعلق بمنح فلسطين صفة الدولة المراقب، وقامت بتهنئة السلطة وشاركتها الاحتفال؛ من خلال افتتاحيات الصحف الرسمية.
كما أن الملك عبدالله سيقوم اليوم بزيارة رام الله، ومقابلة أبو مازن في خطوة يعدها مراقبون أنها ستعزز ثقة عباس بنفسه وبشرعيته، وستشعره بتلاشي شيء من العزلة التي فرضها «الربيع العربي» عليه.
الأردن مَعني بشرعية أبي مازن، ومعنية بعدم سقوط السلطة، ولعل في هذه المقاربة ما يبررها بالنظر إلى السلوك والثقافة السياسية الخارجية الأردنية الحالية.
لكن يبقى السؤال المفتاحي: إلى متى سنبقى مختنقين فقط بخطوط رام الله؟ لماذا لا يعاد النظر في الخيارات! ألم تتغير المنطقة؟ ألم نكن قبل عام 1999 متعددي الخيارات؟ أتمنى أن نحاول إجراء التفاتات هنا وهناك.
(السبيل)