نقابة المعلمين من لهيب الحراك الى سطوة النفاق ..! !
عذراً أحبتي فقد كان من المفترض أن تكون مقالتي تعبق بنشوة الفرح و عنفوان السعادة لان نقابة المعلمين ذائعة الصيت قبل شهور قليلة في قواميس وأدراج الحكومة بأنها البعبع الكبير والوحش المخيف الذي تخشاه عقول العصافير ! ها هي الأن جزء من واقعنا نتلمسه بشكل واقعي ونأمل أن تكون منذ لحظة البدء رافعة للعملية التعليمية بحق و في مقدمة المرابطين لإعادة الهيبة للمعلم الذي سحقت كرامته وضاعت مكانته في المجتمع بفعل تشنجات أصابت أدمغة ساسة هذا البلد عبر عقود مضت جعلتهم يروا المعلم في قاع كأسهم وفنجانهم البارد .
ما زلت أذكر جيداً تلك الإنطلاقة التي بدأت قبل عامين ونيف لحراك المعلم الغلبان ، فهفوة وزير قلبت الأمور رأساً على عقب ، وأذكر جيداً في تلك الأوقات ذاك الفكر المتحجر الذي كان سائداً في عقول الكثيرين من الزملاء الأعزاء حين كانت تغمر البعض منهم ناراً موقدة في أجسادهم حرقة لحديث الهزل والهرج والتهكم بالمعلم الغلبان المسكين ، و البعض الأخر لم يأبه بالأمر على الإطلاق ، وكانت كلمة الإضراب تعني شرا مبين وضياع لمستقبل الكثيرين !! أما السكوت والهدوء وإقفال الأذن و تبكيم الأفواه كان الحالة الشائعة بين الصفوف وأدراج الأحبة !
أكرر العذر فانا لا أقصد والعياذ بالله أن أسخر أو أذكر بمجرد النقد أحد بعينه بل هي ذاكرة تعصف وترمي غباراً أسود كانت نتيجته عاصفة هوجاء وريحاً سموم حلت على كل يد ضجت بكلمة النقابة عبر السنين التي مضت وساهمت بشكل أو بأخر بضياع الحقوق وسلبها من كل معلم ومعلمة ، ولكن ها هي الأن بين ظهرانينا و الأمل بها معقود ان تكون عاصفة هوجاء لخلق ربيع حقيقي في مسار العملية التعليمية ، بالفعل لن ينسى الشارع الأردني بجميع أطيافه ذاك الحراك المتزن الذي قام به المعلمون خلال الفترة الماضية وكما يقول البعض فلولا حمى الربيع العربي وهوجاء التأثير التي أرعبت أركان حكوماتنا الغر الميامين لكانت رحلتنا ازدادت شقاءاً وتعباً أكبر .
من الأدراج المقفلة الى الواقع الحي أصبحت نقابة المعلمين ظاهرة للعيان ، ونحن اليوم كمعلمين لنا مرجعية حقيقية تمثلنا وتمثل المعلم الكادح في مدرسته الذي كان يرنو لأن يصل رأيه لأصغر مسؤول في وزارته ولكنه اليوم أضحى صاحب قرار وإستنكار ، ولكن السؤال الغريب البغيض هو ما الذي جعل الكثيرين بعيدين عن صراخ المطالبة بالنقابة خلال الفترة الماضية يتراكضون لحصد مقاعدها و التباكي على المعلمين وواقعهم وهم للأسف سطروا في تاريخهم كل أقلام أحبارهم لطمس ملامح المعلم الناجح والمربي الفاضل ؟!
ما زالت كلمات أحد المعلمين الذين عايشتهم خلال السنتين الماضيتين تطنطن في أذني كلما قرأت الحدث الذي نعيشه الأن ، فقد كنت بمجرد الحديث معه عن حالة التغييب المتعمد من بعض الأقران في مهنة المتاعب والشقاء يتغنى لي بأمجاد ستظهر للعيان بلا أي مقدمات ، في لحظات كان فيها حراك المعلمين حالة مقرونة بالأحكام العرفية التي لبدت أدمغة الكثيرين وتلاعبت بوتر الخوف وزرع الشكوك بتدمير المستقبل و دفن الآمال لأي فرد كان يصيح مطالباً بإعادة إحياء نقابة المعلمين ، وبالفعل صدقت تلك التوقعات ففي تلك اللحظات التي كان فيها الكثير يامل بان يقف الجميع وقفة واحدة متماسكة للمطالبة الحقة بوجه حكومات أعمتها البصيرة الضيقة، إلا أن الأمر تحقق عندما أصبح المطلب متحققاً ونافذاً !!
نعم .. أعلم جيداً أن القانون الذي بين أيدينا المتعلق بتشريعات نقابة المعلمين لم يشرع أبداً بوضع كوتا للذين قاموا على إحياء النقابة ، وكانوا في الصفوف الأمامية متحملين كل الأعباء الجسام التي تتولد من هذا الامر الذي كلف الكثيرين ضياع أقل الحقوق المكتسبة لهم وعلى رأسها حق العمل في ظل أمان وظيفي ، فكانت حملات الطرد المنظمة برعاية رسمية للكثير من الذين ناضلوا حق النضال لإحياء نقابتهم وعلى رأسهم نقيب المعلمين الحالي الذي شهد له القاصي والداني المترعش منهم والمتعربش بانه كان رمزاً إستحق من الجميع الإحترام و العرفان له بالجميل الذي قدمه ، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا غيب مجتمع المعلمين الكثير من الأسماء التي لمعت في سماء حراك المعلمين ؟
وللأسف أقولها بكل صراحة وبلا مخاجلة بأنه أي مجتمع المعلمين إستعاض عنهم بأسماء كانت بعيدة كل البعد عن حراك المعلمين خلال عامين شابهم الكثير من الأحداث ، لا بل وإن بعضهم وأقولها أسفاً ظهر فقط عند دوار المعلمين التاريخي في ذاك اليوم الاغر في تاريخ المعلم الأردني !!! أمر يدعو للغرابة وأنا أرقب الكثير من الذين تنحني الهامات لهم تقديراً لدورهم المشرف والقيادي في الحراك غيبهم الزملاء والأحبة عن ساحة الشكر وقاعة التقدير لهم لتضحياتهم الجسام التي لا تقاس بالنوايا الداخلية بقدر ما تقاس بالنتائج التي ترتبت على هذا النضال .
لم انتقص أبداً من الأحترام والود للكثير من الذين نالوا ثقة زملائهم بطريقة سلسة وأخرون بطريق معبدة ممنهجة ، ولكن كنت أتمنى لو كان رد الجميل بالجميل ، ولكن املنا الكبير الأن بكثير من الرموز اللامعة التي ستقف وبكل حزم بمجرد البدء بالعمل على غاية واحدة وهي نقابة للمعلمين تكون أنموذجاً للأمة العربية بأسرها في العمل النقابي المتميز .