كبوة تيار الاسلام السياسي في نقابة المعلمين !
تامر البواليز
جو 24 :
في سلسلة سياسي يتذكر التي تنشرها هذه الأيام صحيفة الغد يتحدث الدكتور عبداللطيف عربيات عن تجربة الحركة الاسلامية في برلمان ال89 وكان الحديث بالتحديد عن معركة رئاسة مجلس النواب ، وأشار في محور حديثه حسب ما هو منشور نصا وحرفا ( كان من سياسة الجماعة والكتلة النيابية عدم تخويف الناس منذ البدايات بمطالبنا واشعار الجميع اننا دعاة اصلاح والاصلاح التدريجي الذي يكون خالصا لله ثم لمصلحة الوطن والأمة ، ولهذا لم ترشح الكتلة أحدا منها لرئاسة المجلس في الدورة الأولى مع كل المقومات والإمكانات لدينا وفضلنا أن نعطي دورة كاملة لتعريف الناس باهدافنا ووسائلنا وعدم تهافتنا على المناصب ) إنتهى الإقتباس .
بمجرد قراءة هذا الموقف تعود بنا الذاكرة الى تجربة سياسية ما زال الشارع الأردني يتغنى بها ويصدح بتفاصيلها في الكثير من المنابر والمواقف التي يعتليها أصحاب الاقلام والمواقع السياسية ، ولا يمكن إنكار الحضور الابرز للحركة الاسلامية في العمل السياسي وبشهادة كل المنصفين على الرغم من وجود تيار يناهض فكر ومنهج الحركة إلا أن قدراتها التنظيمية جعلتها تتقدم الصفوف ، ومن حديث الدكتور عربيات عن موقف الحركة الاسلامية تجد بأن حجم الوعي السياسي كان لامعا وفي أوج حضوره بعد سنوات طويلة من غياب التجربة الديمقراطية ، ولعل سنوات الغياب عند الحركات السياسية بمجملها كانت كفيلة بإنضاج ثمرة العمل والمبادرة ، ولكن للأسف لم تلبث هذه الثمرة في نضجها كثيرا ونال منها داء التضييق الحكومي على العمل الحزبي ووقودها الأساسي ما تعيشه الأحزاب من انقسامات داخلية وخلافات مع الأحزاب الأخرى وزد عليها وجود الأحزاب المخملية التي ارتبط وجودها بلمعة شعر أمينها العام .
تذكرت عند قراءة موقف الحركة الاسلامية في ذاك الوقت المشهد الانتخابي لنقابة المعلمين في دورتها الأولى وهي التي عادت للحياة بصورة متقاربة الى حد كبير مع عودة الديمقرطية حسب وصفها في العام 89 ، وما كانت النقابة لتعود من جديد على ساحة العمل النقابي بعد وأدها لولا حراك عظيم ونبيل سطره المعلم الأردني من جنوب الأردن الى شماله الذي استطاع ان يضرب مثلا عظيما في فن انتزاع الحقوق ، و ما زالت ذاكرتنا حية ونستذكر تحديدا دور اللجنة الوطنية لإحياء نقابة المعلمين وغيرها من اللجان ايضا التي أجتمع اعضاءها من كافة محافظات المملكة على موقف واحد ولم تفرقهم السياسة ولم يكن للكانتونات الضيقة أي حضور يذكر في تلك الفترة الذهبية من حراك المعلمين وكنت حينها اتشرف بكل فخر واعتزاز بعضوية اللجنة الوطنية التي لم اذكر في اجتماعاتها ولقاءاتها واعتصاماتها وغيرها من الفعاليات اي موقف ينقسم عليه اثنين ، وحينها كانت القلوب والعقول لا يفرقها منصب ولا يمزق أوصالها رغم كل المحاولات أي موقف ، ما زلت أرى في حراك المعلمين نموذجا يحتذى به في العمل الوحدوي ، ولا اذكر أبدا ان الخلفية السياسية لأي زميل شارك في الحراك أي تأثير يذكر على العمل ولم يعرف أبناء التيار اليساري ان من يتحدث هو ابن الحركة الاسلامية ولم يعرف المنتمي لحزب البعث ان من يتحدث أمامه من حزب حشد أو غيره من الأحزاب ، فكان حراكا نبيلا ونقيا من كل شائبة ومرض عضال كان له الدور الابرز في هذه الأيام بانهاك العمل الحزبي والسياسي رغم كل المقومات والاهداف الوطنية التي تدفعهم للاجتماع على موقف واحد .
لكن وللأسف الشديد لم تلبث هذه الصورة ان تستمر وليتها استمرت الى ان تقرر اعادة الحق لاصحابه وصدر القرار باحياء الصرح العظيم وبدأت نواة التمزيق تظهر مع بزوغ فجر النظام الانتخابي لنقابة المعلمين وكان الانقسام حينها سيد الموقف ، وبالعودة لموقف الاسلاميين في مجلس ال89 في دورته الأولى تذكرت جيدا الفرق الكبير والمناقض تماما لموقف التيار الاسلامي في نقابة المعلمين بالدورة الإنتخابية الأولى ، الذي انتهج طريقا خاطئا وموقفا دفع فيه التيار الاسلامي ثمنا كبيرا ودفع باتجاه انتزاع رصيد الثقة من اسهمه وفرق المعلمين بين تيار اسلامي وتيار مناهض له !
وقد يرى البعض ان هذا الحديث يذهب نحو موقف إقصائي لسان حاله يقول أن التيار الاسلامي ليس من حقه الترشح وهذا الأمر غير صحيح ولا أساس له من الصحة وأصحاب هذا الفكر هم قلة ولجمه يكون بوحدة الأغلبية ، لكن بكل صراحة اخفق التيار الإسلامي حين دفع بنفسه الى استحواذ الأغلبية من المقاعد في انتخابات الدورة الأولى لنقابة المعلمين وهذه حسب التعريف بالديمقراطية جائزة ولا خلاف عليها ، لكن لم يكن في حسابات الاسلاميين في ذلك الوقت قراءة مستقبلية لهذه الطريق التي سعى اليها رغم معارضته التي سجلها في فترة اقرار النظام الانتخابي لنظام القوائم المغلقة ودفع باتجاه القوائم النسبية ، لكن عند أول انتخابات انقلب على مبادئه وتجاوز عن النسبية كمبدأ لا يقبل التهميش والاستحواذ ، ومضى بطريق السيطرة على كل مفاصل العمل النقابي دون ادنى اكتراث بوجود ارضية عمل نقابي غابت عن الوجود لستة عقود لا تحتمل المغامرة والاندفاع بهذه الطريقة والأصح ان يكون الجميع مجتمعا كما اجتمعوا في فترة الحراك التي كان فيها أبناء التيار الاسلامي حاضرين ولم يكونوا متصدرين كما غيرهم ، والأدهى من كل ذلك ان الاستحواذ كان من خلال استقدام مرشحين على قوائم التيار الاسلامي أغلبهم بعيدين كل البعد عن العمل العام ولم يكن لهم أي حضور في فترة الحراك وتصدر القوائم قلة من ابناء التيار الإسلامي الذين قدموا تضحياتهم في سبيل احياء نقابة المعلمين وهذا موقف يسجل لهم ولا ينكره الا جاحد .
لم يدرك التيار الاسلامي في تلك الفترة بأن اعتماد نهج الحشوات على اغلبية المقاعد التي حصل عليها ستشكل ضربة موجعة له دفع ثمنها في انتخابات الدورة الثالثة لنقابة المعلمين وقد يتحدث البعض عن تدخلات وسياسة تضييق مورست على الناخبين وأنا أؤكد بان نهج التضييق ليس بجديد وكان حاضرا مع الدورة الأولى والثانية أيضا والأصح أن ينظر القائلون بهذا الرأي بعينهم الأخرى التي لم ترى أن تهميش وإقصاء الغير ليس بالأمر المحمود ، وكان بإمكان التيار الاسلامي ان يذهب لذات الموقف الرائع الذي سطرته كتلة التيار في برلمان ال89 وكان لها الدور الكبير فعلا وقولا باثبات قوة التيار الاسلامي الذي استطاع أن يحصل على رئاسة مجلس النواب لثلاث دورات متتالية واحدة منهن كانت بالتزكية .
أعتذر للإطالة وهي مجرد رسالة أوجهها لأخواني واخواتي من المعلمين والمعلمات الداعمين للتيار الاسلامي ، وأنا لا أدعم أي صاحب رأي يدفع نحو تهميشهم واقصائهم وإبعادهم بقدر ما أرى ان مصلحة المعلمين لا تحتمل الانشغال بحروب السياسة وتأثيراتها السلبية على العمل .
والله المستعان