حقيقة التبخر علميا وعمليا لمستقبل الوطن !
تامر البواليز
جو 24 :
في بادئ الأمر تجدر الإشارة الى أن حديث وزيرة الطاقة عن تبخر النفط حقيقة علمية لا يمكن انكارها ، وهي بطبيعة الحال تؤثر بشكل نسبي محدود على كميات النفط ومشتقاته عند نقلها من مكان لأخر ويظهر هذا الأمر جليا لأي مواطن عند تعبئة خزان وقود سيارته وعند ارتفاع درجات الحرارة بالذات ويمكن رؤية التبخر للوقود بالعين المجردة بمجرد النظر الى مدخل الخزان أثناء التعبئة للبنزين أو السولار ، ولكن يبدو أن الوزيرة تطرقت لهذا الأمر في توقيت غير مناسب لأن الوقت لم يسعفها للتفصيل والشرح علميا لهذه الظاهرة . . .
لست هنا بصدد التفصيل حول تبخر النفط والبنزين وأدع هذا الأمر لأصحاب الاختصاص في حكومتنا لإطلاع الشعب الأردني العظيم على أرقام علمية لنسب التبخر التي تتأثر بها كميات الوقود والفارق السعري الذي يبين حجم الخسارة المادية الفعلية للحكومة من جراء نقل أهم وأبرز مصادر الطاقة المستخدمة في بلادنا ، وما أردت الحديث عنه بكل صراحة هو التبخر الأهم الذي أصاب الوطن في مقتل !
لو كنت أملك العتاد والتجهيزات اللوجستية لإعداد مؤتمر صحفي لأظهرت الجانب المظلم للتبخر الأكثر سوءا وقهرا على بلادنا لما ترددت في عقده ، ولكن سأكتفي بأن أقول عبر هذه المساحة من مقالتي نفحة عابرة عن التبخرات المؤلمة لمقدرات الوطن التي امتدت عواقبها عبر سنوات وعقود ماضية نتلمس اليوم أثارها وتبعاتها على الاقتصاد الوطني وعلى مستقبل شباب الوطن وأمنه الاستراتيجي .
لا أدري ما الذي جعلنا رابضين ومتقوقعين داخل دائرة معتمة في العالم تسمى الدول النامية ونحن بشهادة كل من عرفنا نمتلك مخزونا استراتيجيا بالموارد والعقول البشرية التي أثبتت كفاءة عالية في كل أصقاع الأرض عند عربها وعجمها ، وترى أبناء هذا الوطن تتملكهم مشاعر التثبيط والامال المحطمة في عملهم داخل وطنهم وعند الاغتراب تجدهم أسودا وأصحاب نياشين !
- من الذي جعل أحلام الشباب تتبخر هنا وتمطر رعدا وبرقا في بلاد الغربة !؟
- هل من المنطق أن يتم تحميل الشباب وحدهم مسؤولية عدم الابداع والتقدم في عملهم !؟
- ما السر الغريب وراء تبخر حقيقي وعملي للعدالة في توزيع مقدرات الوطن وموارده على أبناءه وأصبحت الموارد مصدرا للجباية والضرائب !؟
-من الذي يتحمل مسؤولية تبخر الموارد المالية التي ذهبت أدراج الرياح بعد خصخصة أبرز المؤسسات الوطنية كالفوسفات والبوتاس والكهرباء والاتصالات وغيرها !؟
-من الذي يتحمل مسؤولية تبخر الجزء الأعظم من موازنة الدولة الاردنية وذهابها لسداد الديون والرواتب !؟
-من الذي جعل خزينة الدولة تتحمل نسبة تبخر عالية بوجود المؤسسات المستقلة ومناطق النفوذ !
ومن ومن .... !؟
خلاصة القول بأن تبخر بضع ليترات من الوقود مسألة سخيفة ساذجة و لا تستحق مجرد الذكر واستخدامها كمبرر لاقناعنا بأن الظروف تفرض علينا كمواطنين أن نتحمل عبئ الارتفاع الكبير في أسعار الوقود فهذا أمر غير مقنع ..
و يا هملالي