عزيزي المواطن : اشلح مكرما ولا تشلح مرغما !
تامر البواليز
جو 24 : أبدأ من حيث يردد في المثل الشعبي عند اخواننا المصريين بقولهم " هلى هلى عالقد والقد هلى هلى عليه " والشمس كما يقولون لا يمكن أن ينضب ضوءها بغربال أغبر وطغت عليه أغبرة تفوح فسادا وافراطا بحقوق العباد والبلاد ، ولا أدري أي شعب هذا الذي أثارته بعض نفحات المفسدين وقد سعت باجتهادها ومجهودها لدفس جيوبها بكل ما لذ وطاب من دراهم مستباحة وعطور فواحة ، وأزهقتهم قبل أيام قليلة دعوة تشريعية لقوننة التشليح واعتماده في سجلات السياسيين وقوائم السجلات المدنية وكأن دعوة التشليح جاءت مفاجاة لهم !؟
عزيزي المواطن ما بالك تنتفض غضبا وقهرا لدعوة تشليحك وانت في حقيقة الامر شالح ( من زمان ) وأشلحوك راضيا مرضيا ولم تحرك ساكنا على وقع نزع هندامك البالي الممزق واصبح في عرف الحكومات من زمن بعيد اتباع سياسة النزع والخلع لكل ورقة شجر تستر بها جلدك وتقي بها نفسك من حر أسعارهم وبرد افقارهم لك ولكل من هم على شاكلتك اقتصاديا واجتماعيا .
بالنسبة لي أعتقد بأن دعوة التشليح الاخيرة ليست اكثر من دعوة تشليح عابرة أمام سيل جارف افرز واخرج لنا جيلا يشلح بكل أريحية ولا تهزه الدعوات العابرة الباهتة وقد وجد في نهج الدولة حكمة وحنكة لا تنافسها فيها حكومات العالم العاشر ولا الثالث ! والمستفز بالأمر أن الام بطبيعتها تحاول دائما ان تظهر ابنتها أم كشة بأبهى صورة فتراها تزين شعرها الأجعد بالاصباغ والسشوار في كل صباح وتلطخ خدودها التي تشبه في انتفاخها وتعرجاتها رغيف الطابون الذي تأخر داخل الفرن وتملأ شفتيها بأحمر واصفر لعلها تخفي براطمها عن عيون الحاسدين والمقهورين خشية الفتنة والتبذير المفرط لوقع جمالها عليهم ، أما حكوماتنا فلها من اللذة والعزة ما يدفعها لاظهار الشعب بأسخم صورة وعوضا عن نعتنا بشعب الجبارين أصبحنا نتألم لوصفنا بشعب الشحادين ونحن من هذا الوصف براء كبراءة الذئب من دم يوسف ولنا في شهادة من احتضن أبناء وطننا في بلاد العرب والعجم خير شهادة واقرار .
أي سذاجة تلك التي عشعشت في أروقة الدوار الرابع وقد باتت قبلته على الدوام جيب المواطن الغلبان وتلهث وراء أهم الاحتياجات المعيشية التي لا غنى عنها هدفا ومقصدا للرفع وتناست أن جيب المواطن المرقع لم يعد قادرا على تحمل كل سياساتهم الاقتصادية الرعناء ولسنا على درجة من الغباء ونحن على يقين بأنها تساوم الشعب الطيب على أمنه وأمانه حتى لا يفكر ولو للحظة بالانتفاض والتجمهر أمام دكاكينهم التي طوبها أرباب السلطة بأسماءهم وهذه للأسف وحدها كفيلة بجعل المواطن يفكر ألف مرة قبل النزول للشارع وقد كان له في تجربة البلاد المجاورة لنا درسا وعبرة .
من وجهة نظري اجزم تماما بأن الافقار والتجويع وتدمير التعليم مجرد خطأ عابر مارسته الحكومات المتعاقبة بل هو نهج ارتأته مجموعة الفساد والافساد ضمانا لبقاء نهر يغدق عليها بالملايين والثمن دمار وتخريب لوطن لا يستحق من أهله الا الخير ، لذلك مهما تغيرت الوجوه وتبدلت تبقى السياسة كما هي وتجد اشد المعارضين للانقضاض على جيب المواطن أول من يمضي بها اذا وطأت أقدامه حصن الدوار الرابع ويرمي وراء ظهره كل الدعوات التي كان يصدح ويصرح بها أمام جمهوره .
نقول لحكوماتنا وقد أرهقتنا سياستهم بأن هذا الشعب لن يرضخ ويستسلم لافكاركم وافقاركم ولن تهزه دعوات التشليح بين الحين والاخر وسيبقى مخلصا لوطنه ولن يفرط بأمنه كما تهذربون في أدمغتكم لانهم الاحرص منكم عليه ولم يكن الوطن يوما في نظرهم مجرد أموال تغدق على جيوبهم ولا مجرد كرسي فاخر تنتهي بزواله شطحات ولاءكم وانتماءكم الزائفة .