منظومة النزاهة الوطنية
اللجنة الملكية لتعزيز منظومة النزاهة درجة متقدمة ومتحضرة في الارتقاء بمفاهيم الحكم الرشيد، وهي خطوة مكملة وداعمة لمسيرة الاصلاح، وهي محددة الاهداف والزمان ايضا.
لجنة النزاهة هي بمثابة لجنة لضبط جودة العمل الرقابي الرسمي، لرفع كفاءة المؤسسات وتعزيز دورها في خدمة المواطنين، ووقف الهدر في المال العام.
تشكيل لجنة النزاهة في الوقت الراهن يأتي على خلفية عدة مرتكزات،اهمها ان عملية الاصلاح لا تتوقف عند نقطة معينة، فهي عملية مستمرة، فاذا كانت الحكومة أنشأت قبل ثلاثة اعوام هيئة لمكافحة الفساد، فانه ومع مرور الوقت ظهرت بعض اوجه نقاط الضعف في عمل الهيئة من الناحيتين التشريعية والتنظيمية، وهو ما يتطلب مراجعة لنقاط القوة والضعف للبنية التشريعية لعمل تلك الهيئة التي يعول الشارع عليها الكثير في تعزيز عملية الاصلاح من خلال تفعيل عمليات مكافحة الفساد واسترداد الاموال المنهوبة.
الكلام السابق ينطبق على الكثير من المؤسسات التي بدات فعلا تعمل، واثبتت التجارب العملية الواقعية مع مرور الزمن انها بحاجة الى نقلة نوعية جديدة في عملها تتناسب مع تحديات المرحلة وتطلعات الشارع، مثل ديوان المحاسبة وديوان المظالم وغيرها من المؤسسات الرقابية.
اللجنة الملكية لا تعمل بحريتها او وفق تصورات اعضائها، انما حدد لها اطار العمل ومنهجيته هي التحاور مع كافة مؤسسات المجتمع المدني وعناصره وصولا الىميثاق يتضمن المبادئ الأساسية والمعايير الأخلاقية والمهنية الناظمة للعمل في القطاعين العام والخاص بما يضمن تعزيز منظومة النزاهة والشفافية والمساءلة وسيادة القانون.
ان تلك العملية المتعلقة بالشفافية وحوكمة العمل الرقابي الرسمي، تهدف في النهاية الى تحقيق اعلى درجات العدالة بين المواطنين، فمعايير النزاهة ستكون بمثابة قانون يسير عليه الجميع في تعامله مع القطاعين العام والخاص، فمحاربة المحسوبية والواسطة ومن ثم مكافحة الفساد مكافحة حقيقية، وتعجيل التشريعات بما يسمح ذلك في ارتقاء مفهوم المواطنة وتعزيزها في نفوس الاردنيين وزيادة الثقة بين المواطنين ومؤسسات دولتهم التي تزعزعت منذ فترة بسبب انتشار مظاهر الهدر المالي والفساد والبذخ و استمرار الادارة غير الرشيدة في ادارة بعض المؤسسات.
مرتكزات عمل لجنة النزاهة الوطنية، تصب مباشرة في مطالب المواطنين الاصلاحية، ترتكز على الادارة السليمة للمال العام ووقف الهدر في استعمالاته، وتفعيل عمليات التقييم والمساءلة والمحاسبة لكل من اساء الاستخدام، وتحديد اسس عصرية للعطاءات واللوازم، وتمكين مؤسسات الدولة الرقابية في اتخاذ التدابير اللازمة لحماية المال العام ومعاقبة كل من اساء استخدامه، وبناء منظومة شراكة جديدة بين القطاعين العام والخاص.
توصيات لجنة النزاهة لن تعرض على الحكومة، لكنها ستكون محور نقاش في مؤتمر وطني سيخصص لها للخروج برؤية توافقية على معايير النزاهة وجودة العمل وحماية الأمن الاقتصادي للدولة والمواطنين معا.
(الراي )