jo24_banner
jo24_banner

الانتخابات النيابية فاقدة للشرعية وستؤجج الحراك

د. انيس خصاونة
جو 24 :

يراهن النظام السياسي وأنصاره على أن الانتخابات النيابية المزمع إجرائها بعد أسبوعين ستشكل انفراجا في الحالة السياسية المحتقنة في المملكة حيث سيتم امتصاص نقمة الشعب على الأوضاع السياسية التي آل اليها بلدنا جراء سياسات الإقصاء والتفرد باتخاذ القرار وتمترس النظام وتمسكه بعدم إجراء تعديلات دستورية حقيقية تتيح للناس المشاركة في حكم أنفسهم .

والحقيقة أن من يعتقدون بوجهة النظر هذه يتجاهلون الحقائق على الأرض ولتي يأتي في مقدمتها غياب الشرعية لهذه الانتخابات نتيجة لتدخل النظام في صياغة قانون انتخاب ملائم له ويحافظ على صلاحيات الملك كأملة غير منقوصة مما يجعل من الملك حاكم شبه مطلق نتيجة لهيمنته على مفاصل العمل السياسي والإدارة العامة في الدولة الأردنية .

نعم يتناسى النظام ومؤيديه ومسجيه ممن يعيشون على مكارمه وأعطياته وعطاياه أن الشرعية السياسية لا يمثلها ما تقوله أجهزة الإعلام الرسمية ، وليست ما تعلنه برامج ستون دقيقة وضيوفه المنتقون بعناية شديدة، ولا ما يقوله رئيس وزراء لا يحظى لا بثقة الشعب وربما لم يعد يحظى حتى بتقدير ومصداقية لما يقوله ويعلنه ليلا نهار .

الشرعية السياسية هي ما يعتقده الناس ويؤمنون به في ضمائرهم حول أحقية ومصداقية وصحة ما يقوله النظام وما يفعله على الأرض . الشرعية هي مدى ثقة الشعب بمقاصد النظام ونواياه وأفعاله وليس التفافه على الإصلاح ومطالب الإصلاحيين ونبشه لقانون الصوت الواحد الذي صرح الملك نفسه بأنه أصبح خلفنا .الشرعية ليست كلاما يقال ولا انتخابات صورية تجرى في ظل قانون مفصل تفصيل دقيق على قدر النظام ولا يحقق الا الاستمرار في مسك النظام بزمام الامور في كافة مفاصل الدولة.

من من الأردنيين يصدق بأن النواب القادمين سيشكلون فرقا في الحياة الأردنية خصوصا وأن أكثر من 68% من المرشحين هم من أعضاء المجلس المزور السابق! من من الأردنيين يصدق بأن القوائم الوطنية سيكون لها تأثير نوعي على أداء مؤسسة البرلمان الأردني آخذين بالحسبان أن الناخبين لا يعرفون معظم مكونات هذه القوائم ولا يعرفون عن خصائص وبرامج هذه القوائم التي أصبحت مجرد واجهات سياسية لرؤسائها الذين يغدقون المال لشراء الذمم بطرق يصعب رصدها وتوثيقها !

بعد أيام ستبدأ الانتخابات وتبدأ معها ماكنة الإعلام والمحطات الفضائية المحلية والأجنبية ببث كيف أن الأردنيين يتوافدون من كل حدب وصوب للمشاركة السياسية الفاعلة وستبدأ استخدامات لمصطلحات مدبلجة مثل "العرس الديمقراطي" و"العرس الوطني" و"بزوغ فجرجديد" والولوج في مرحلة جديدة للحياة السياسية وإفرازات الشعب من ملح الأرض من النواب المنتخبين وفق أكثر أساليب العالم رقيا وشفافية ونزاهة! وعجبي على هذه الشرعية التي تتغنى بالانتخابات بمن حضر ولا تأبه للمعارضة ومطالبها الإصلاحية المشروعة. نعم عجبي لشرعية مزعومة لانتخابات تجرى وفق قانون انتخاب غير شرعي تم إقراره نتيجة التأثير على إرادة ثلاثين نائبا (باعتراف النواب أنفسهم) من أصل 67 نائبا حضروا الجلسة المخصصة لاعتماد هذا القانون المشؤوم.

الانتخابات القادمة لن تكون آخر الانتخابات البرلمانية في عام 2013 وانما هي توطئة لانتخابات أخرى ربما تجرى في نهاية العام نفسه بعد حل المجلس الذي لن يكون شرعيا ولن يصمد أمام مطالب أحرار الأمة ومجاهديها من كافة قوى وكتل وأحزاب الحراك السياسي الأردني . المجلس القادم ستكون تشكيلته موزاييك من نواب الحارات والأحياء والزنقات وأفرع العشائر والأفخاذ القبلية والممالئين للنظام والحريصين على مصالحهم ومكتسباتهم ومصالح أبنائهم .

القوائم الوطنية ليس لها من اسمها نصيب ورؤساء هذه القوائم ومعظم مكوناتها كسابقيهم لا يعدون كونهم متنافسون على "البريستيج" والبقاء في الصورة بأي ثمن ونحن نرى بعضهم نخرهم المرض وبلغوا من العمر عتيا واستحوذوا على مواقع متقدمة في الدولة ومازالوا لا يصمدون أمام إغراء المواقع ونحن لا نستبعد أن يكونوا قد أوعز لهم الترشح خصوصا في ظل أحاديث تتداولها أجهزة إعلام محلية وإقليمية عن تدخل الأجهزة الأمنية في الانتخابات قبل بدئها!

الحراك السياسي الأردني سيشهد زخما منقطع النظير بعد الانتخابات خصوصا في ظل نسب متدنية من التصويت "هذا اذا ما بقيت أجهزة الدولة على الحياد" وفي ظل مقاطعة الانتخابات من قوى سياسية كبيرة يأتي في مقدمتها جبهة العمل الإسلامي والجبهة الوطنية للإصلاح وأعداد كبيرة من المواطنين المستقلين الذين لا تنطلي عليهم مسرحية الانتخابات الهزيلة تصميما وإخراجا وبالتأكيد تنفيذا.

الحراك السياسي والمسيرات ستجد أن نتائج هذه الانتخابات ستكون مادة جديدة لها ولفعالياتها وشعاراتها وسيقترب الحراك ومكوناته المختلفة أكثر من فئات وشرائح جديدة من المجتمع كانت غير محدده لمواقفها من العملية السياسية في الدولة الأردنية. وسيضطر النظام أمام إصرار المعارضة ومثابرتها وتزايد شعبيتها ومصداقيتها أن يحل مجلس النواب القادم ومحاورة قوى المعارضة والاستماع الى مطالبها والتجاوب معها والتوافق على تعديلات دستورية حقيقية وقانون انتخابات نزيه يتيح تمثيل القوى السياسية والشعبية بمقدار حجم تمثيلها الحقيقي في المجتمع .

النظام السياسي الأردني مثل أي نظام آخر لا يخاطر باستمراريته ولا يساوم على بقائه ويفعل كل ما هو ممكن للمحافظة على كينونته والبقاء في السلطة حتى لو كان ذلك ثمنه التنازل عن صلاحيات الملك وتعديل الدستور ليتيح للناس حكم أنفسهم بأنفسهم وإلغاء مجلس الأعيان الصوري عديم المنفعة.

الحقوق المدنية وكما تؤكد القاعدة القانونية المعروفة تكتسب ولا تمنح وشواهدنا في تجارب المغرب واليمن ودول كثيرة أخرى بادية للعيان فما كان لملك المغرب أن يجري تعديلات دستورية لولا الضغط الشعبي الذي سرعان ما تجاوب معه واستقرت أمور النظام وأمور الدولة ككل فهل يفعلها النظام السياسي الأردني في نهاية عام 2013 ويحل مجلس النواب ويحاور المعارضة ويتوافق معها ويطوي الملف أم يستمر في اضاعة الوقت والتقدم خطوة للأمام مقابل عودة ثلاث خطوات للخلف؟

الإجابة على هذا السؤال تبقى برسم عقلانية النظام وشعورة بالخطر لكيانه وكذلك تبقى خيوط الإجابة على هذا السؤال المهم بيد المعارضة الأردنية الشريفة وقدرتها على المحافظة على جذوة شعلة الحرية وحق الأردنيين في العيش كمواطنين أحرار وليسوا كرعايا ومقيمين يدفعون الضرائب وليس لهم كلمة أو وزن أو تأثير في مستقبل بلدهم.

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير