jo24_banner
jo24_banner

الأردن بين عُزلة الحكومات وإعتزال المعارضة

د.كمال الزغول
جو 24 :
لم يكن لدى ألناشطين من الأحزاب ومن ألمستقلين في الأًردن القدرة على تشكيل معارضة ديمقراطية تتبنى فكرة المشاركة السياسية المستمرة، فبرز تصور يفضي الى أنه ليس لديهم نَفَس طويل ويهابون ألخسارة على أساس ان ألحسابات لديهم دقيقة جدا، فاللعبة هي لعبة «الجزء » دون «الكل» بالنسبة لهم وتتمحور حول حدود ألحزب وعدم الإنتشار في الوطن، وتقييد هدف ألبرامج ألمخطط لها بمصير الحزب ،وعدم تغطية كامل ألوطن وجميع المواطنين بهذه ألبرامج.إلا أن هذا ألتصور برز في العقدين الماضيين عندما قام احد الأحزاب الفاعلة والناشطة في الأردن وبعض المستقلين المعارضين بالمشاركة في الانتخابات في عدة دورات وحصدوا عدداً لا بأس به من المقاعد البرلمانية وعندما شعروا بأنهم لا ينافسون ابناء العشائر نأوا بأنفسهم عن المشاركة اللاحقة بالإنتخابات ،أي بمعنى انهم عندما لم يستطيعوا الوصول الكاسح عمدوا إلى التخلي عن برامجهم الإقتصادية المرتقبة بالرغم من أن الشجاعة والإقدام والمشاركة هو أساس أي برنامج حكومي مرتقب، وكأن حالهم كان يقول للقواعد الإنتخابية اذهبوا وصوتوا لابناء عشائركم، فنحن لا يهمنا الا تخوم الحزب وليس تخوم الوطن ،ولا نتحمل الخسارة، اي اذهبوا انتم وحكومتكم فقاتلوا من اجل الإصلاح ، ومن هنا شاركوا في بناء سد لاديمقراطي بطريقة غير مباشرة ،فعدم المشاركة أعدم جزء كبير من الديمقراطية ومهد الطريق للحكومات لنيل الثقة عبر القنوات الرسمية المتشابكة مع المصالح الخاصة لأفراد وليس لكتل داخل مجلس النواب، وهذه الثقة بيروقراطية الطابع كلفت الوطن رسوم سياسية بديون إقتصادية هائلة.
إن عدم استمرارية المعارضة في العمل السياسي يخلق فجوة كبيرة بين المعارضة والعمل العام فتنفرد السلطة بالقرارات، فالمعارضون يعيشون في الإعتزال والحكومة تبحث في عزلتها عن برامج للحل ،بالإضافة الى أن المعارضة لم تدرك أن برنامجها يثبت ويحيا بوجودها وليس بغيابها ،فمشاركة المعارضة للسلطة في بناء الوطن افضل الف مرة من ممانعة المعارضة والنأي بنفسها وببرامجها ،فإذا لم يدرك المعارضون المعتزلون و النخبويون السلطويون ان المشاركة اصبحت حسب تجربة الربيع العربي اصلاحية بحتة بمشاركة الطرفين فإنه سيخسر وطننا الكثير، وهنا تبرز عدة اسئلة:
هل يجب ان تتشارك المعارضة مع الموالاة بالكيان لكي يحدث التنافس؟ وهل يمكن للمعارضة ان تكون كجماعة ضغط داخل السلطة لتلبي مطالب الشعب وبأقل الخسائر بدون اي ثورة شعبوية نخسر فيها الكثير؟.هل الخروج الى الشارع اصبح مجدياً وهل المعارضة بالفعل تضغط على النخب للاذعان لرأي الشعب.؟

لم يعُد من الممكن الاقتناع برأي أي معارض ليس لديه ثقل سياسي داخل دائرة النخب،فالمعارضة التقليدية أوشكت على الهلاك، وخاصة بعد الربيع العربي، لكن ما يبدو واضحاً للعيان ان نوعاً آخر من المعارضة قد يكون اجدى نفعا ،وهو ادماج المعارضة في العمل السياسي والمشاركة الفاعلة في الانتخابات حتى تُحقق التماس مع البيئة النخبوية فيحدث تنافس على أعلى مستوى بين المعارضة الصاعدة والنخب الرابضة على السلطة، فتتبنى النخب الجديدة المتكتلة من مختلف الأطياف مشروعا تنمويا فتصبح النخب الجديدة التي تشمل معارضين نِداً للنخب غير الفاعلة، لكن هنا تعتمد هذه الحالة على الحظ لظهور نخبا أكثر نشاطا ، وهذا افضل حل لتمزيق الجينات الوراثية للنخب التي عجزت عن النهوض بالوطن لعقود، الفكرة هنا ان النِدّية يجب ان تتوفر بين المعارضين والمؤيدين بركوب المعارضة القطار السياسي وعدم الانتظار للاعتماد على« الهَبّات» الشعبية وهذا الأعتماد لا يخلق نموذج ديمقراطي شجاع، «فالهَبّات» الشجاعة تخلق ثائرين لكنها تنتظر مؤثرين شُجعان ينقلون منصاتها الحقوقية للسلطة، فكما للسلطة كيان يجب ان تتشارك المعارضة بهذا الكيان لكي تكون قادرة على المطالبة بحقوق مؤيديها، فلا يمكن ان يكون بين المعارضة والموالاة فرق في المستوى السياسي ،وهذا ما يحدث في الولايات المتحدة الأمريكية بحيث من يعارض الحزب الفائز هم رؤساء وأعيان ونواب سابقون من الحزب الخاسر والذي بدوره يُحدث توازناً نخبوياً وبالتالي يؤدي الى تبني مواد الدستورالتي تنص على فصل السلطات فينهص البلد.وفي النهاية ،فإنه من الملاحظ ان رئيس الحكومة الحالي الدكتور عمر الرزاز يحاول تقليص فجوة العزلة بين الحكومة والمعارضة بالحوار بيد أنه يصطدم مع المسائل العالقة قبل البدء ببرامج جديدة.

تابعو الأردن 24 على google news