jo24_banner
jo24_banner

الإنتخابات بين الإجراء والتطوير

د.كمال الزغول
جو 24 :

 الجميع يتسائل : لماذا لم يتغيَّر قانون الإنتخاب ليتناسب مع المرحلة كون المرحلة بحاجة لمنتج بشري يستطيع الوطن من خلاله بناء قيادات تقوده الى بر الأمان ، خاصة بعد جائحة كورونا والتدهور الإقتصادي الذريع الذي مُني به العالم أجمع!

ومن خلال متابعتي للحملات الإنتخابية وقراءتي التحضيرات للعملية الإنتخابية وجدت تحضيرات واستعدادات حكومية كبيرة ،وفي المقابل، يضيع جهد هذه الاستعدادات بمخرجات العملية الإنتخابية ونتائجها وذلك بسبب عدم تطوير قانون الانتخاب لفتح المجال أمام من هم من اصحاب الكفاءة للوصول لمجلس النواب ،فعلى سبيل المثال، لم ارَ منهجاً دبلوماسياً وسياسياً تسير عليه التكتلات الإنتخابية بناء على تحديدات قانون الإنتخاب، بل على العكس ، يجتمع الأشخاص دون البرامج ويشكلون حائط صد ويرسمون حدود الحمى الإنتخابي ، فلا يمكن لحزبي أن يجتمع مع مستقل حول برنامج جدي عملي وانما يجمعهم فقط هو برنامج البقاء ، فبرنامج البقاء يحمله نواب سابقون، وحزبيون مفقودون على الأرض لكنهم خطابيون على الشاشات ، وكتل وليدة اللحظة، ولدت لتحمل برنامج بقائها وقد يُشعل تباين سطوعها المجلس القادم باللَّاوعي المشرعَن، اننا اليوم نزرع ونُمهد لفقدان المشرعِن وضياع التشريع ، فعند الوصول الى القبة نحتاج آلاف الدورات لجعل بعض الممثلين عن دوائرهم يملكون إدراك العلاقة بين السُلطات الثلاث ،التنفيذية والتشريعية والقضائية ، وهنا لا يجوز التعميم لكن عندما نأتي الى رفع الأيدي فإن العدد الغائب اكثر تأثيرا من الحاضر النشيط للتصويت والتأثير في القرارات.

إن ما يُزرع اليوم في الجو الإنتخابي الذي يساوي بين برامج بقاء الشخصية وبرامج بقاء الوطن وديمومته ،سيجفف الفهم الصحيح للقوانين والتشريعات، وعليه فإن فقدان الميزان في بناء القوى البشرية للمجلس سيشكل عبئاً على الوطن في المستقبل ،وايضا فقدان تقييم نقاط الضعف في قانون الإنتخاب وما انتجه من عملية تشريعية سيؤدي الى ضعف مضاعف ان لم يحدث عليه تطورات وإثراءات تُساعد في ترسيخ الديمقراطية بناء على تجارب سابقة .

ان التقييم في العملية الإنتخابية بُني على سَيْرها ولم يُبنى على انتاجها،ويجب أن نعترف أن العملية الانتخابية اليوم هي اجراء ولم تصل لتكون دواء ،فالتطور في العملية الانتخابية أصبح مطلباً ليواكب ديمقراطية التشارك في صنع القرار لإدامة زخم العمل بالمعرفة الحديثة لبناء البلد في جميع المجالات وعدم تحييد العقول المبدعة ، وفي الواقع الحالي،أصبح من المستحيل الحصول على مُشرِّع بدون تفعيل العلاقة المؤثرة بالتمثيل نفسه لتصبح منتجة ،فعلى مدار عقود لم تُبنى علاقة بين زيادة عدد السكان في دائرة معينة وعدد الممثلين المناسبين لهم بالمجلس ، ولكن هناك توزيع جغرافي تفرضه المساحة على حساب العنصر الديمغرافي الكفؤ الذي يحتوي على فُرص أكثر من الكفاءات الشابة والمتحمسة، فأعداد النواب في محافظة ما، يبقى كما هو حتى لو اصبح عدد سكانها ما يزيد على المليون نسمة ،هذا مثال واضح على أن الانتخابات لدينا ما زالت اجراء لازم بدون التطوير المستدام لضمان التشاركية الرائدة وتقييم مستمر لإفراز القيادات .ومن هنا، الحس الوطني يفرض علينا أن نبحث عن مخرجات الانتخابات ومن ثم تطويرها ،وليس فقط الوقوف على أطلال البداية في الإعداد والاحتفال، وانما بصناعة تدشين مخرجاتها الناجحة، خاصة في ظل الظروف الحالية الحالكة!!!.

 

تابعو الأردن 24 على google news