ما الذي يمنع تجيير الأندية لنقابة المعلمين ؟!
سؤال برسم الإجابة ويدفع للاستغراب هو سر إصرار الأجهزة المعنية على إبقاء أندية المعلمين قائمة رغم كل المؤشرات والبراهين الموجودة على الأرض التي تثبت عدم جدوى الإبقاء على هذه الأندية وتحديداً في هذه المرحلة التي عادت فيها نقابة المعلمين الى حيز الوجود .
يعلم الجميع بأن أطروحة أندية المعلمين التي تم تطبيقها بشكل عملي خلال عقدين من الزمن تقريباً جاءت لهدف وحيد فقط ، ألا وهو تثبيط أي تحركات تشير ولو من بعيد الى نقابة المعلمين وإحياءها ، وبناءاً على ما طرح خلال تلك الفترة من الزمن التي إنطلقت بها الأندية من طرف بعض التربويين الذين يستحقون كل الإحترام لموقفهم الشجاع الذي طالب بطريقة حضارية وبسيطة جدا بضرورة إحياء نقابة المعلمين ، فإقتصر حراكهم الشهير الذي قض مضاجع الحكومة والحكومة الخفية على جمع تواقيع المعلمين الراغبين بإعادة إحياء نقابتهم لتشكل هذه التواقيع ورقة إنطلاق ودستوراً يجمعهم على فكرة واحدة .
وبتلك العقلية العرفية السائدة في ذاك الوقت التي ما زلنا نعيش بعضاً منها الآن ، بادرت الحكومة وبرعاية أمنية وبصورة ساذجة الى ضرورة ان تسحق هذه الفكرة من أرضها فطحنت الأفكار في مخيلة عرابيها الذين بادروا الى الخروج بفكرة إنشاء أندية تكون بديلاً وملهاة لكل الأفكار الهدامة التي يطرحها الإنقلابيون حسب وجهة نظر الحكومة ، وفي ذات الوقت لم تغفل عن قمع معظم الذين بادروا الى إطلاق حملة التواقيع في ذاك الوقت .
هاجس الخوف الذي ما زالت تعيشه حكومات الخفاء في بلدنا من نقابة المعلمين ما زال قائماً حتى اللحظة وما من شك بأنها تريد إن أتيحت لها الفرصة أن تنقض على هذه النقابة وتسحقها بكل ما أوتيت من قوة ، فهي كانت وما زالت ترى في نقابة المعلمين بعبعاً يخيفها ويزعج قيلولتها وديمومة الفساد ! الذي تعيشه البلاد منذ عقود وتحديداً في شق التعليم الذي وصل الى أدنى المراتب وتراجع الى مرحلة أصبحت فيها أمية الشعب من مصلحة البقاء والحفاظ على سرير الحكم القطني الفاخر الذي تعمدت زواياه بعرق المعلم الأردني المكلوم الذي بات بعد زمن كان فيه سيداً في قومه الى مجرد مواطن يخشى أن يناديه المنادي بإسم المعلم .
أندية المعلمين تلك الحالة الغريبة والمرض العضال الذي استنزف وما زال كماً وفيراً من الأموال التي لو رصدت لتحسين وضع المعلم المادي لكان الحال أفضل بعض الشيء ، فما الذي كان يمنع تحويل تلك الملايين المهدورة الى صندوق إقراض للمعلمين يستفيد منه الآلاف لغاية السكن والزواج وغيرها ، ألا يعد هذا الأمر أفضل بكثير من مجرد صرف الأموال على مباني تقدر تكلفتها بالملايين لغاية واحدة فقط هي إبعاد فكرة نقابة المعلمين بأي طريقة من عقول المعلمين ، والأدهى من ذلك هو بعض الحالات الخاصة التي ثبت فيها فساد في إنشاء مباني الأندية حيث تقدر خسارة أحد الأندية لبعض العيوب الموجودة به بعد تسليمه على الفور بما يزيد على 300 ألف دينار والأمثلة كثيرة لو أردنا الخوض بها وما خفي أعظم من القضايا التي تم التستر عليها ، وللعلم هذه الحالات الشاذة التي إقتصت من هذه الأرجوحة المسماة بالأندية يتحمل وزرها طرفين وهم بعض المتنفذين في وزارة التربية والتعليم و البعض الأخر بعض المتنفعين أيضاً في الديوان الملكي الذين يستغلون ما يرصد بأمر من الملك لجيوبهم الخاصة وهذه الحالة بالطبع تقاس على حبل الكثير من قضايا نهب مال المواطن الأردني التي أوصلتنا لمديونية تزيد على التسعة عشر مليار .
إذا أصرت أجهزة الدولة على إبقاء أندية المعلمين فهذا مؤشر طبيعي يدلل بأنها ومن خلال عرابيها المعتادين ستجند هذه المباني لخدمة مصالحها التي تأتي عكس تيار الحقوق الذي ستسعى له النقابة ، حيث ستصبح هذه الأندية مقرات مخصصة لطرح كل الأفكار والآراء التي تهدف لقتل كل منجز ترى فيه أجهزة الدولة أمراً غير مرغوب به من وجهة نظرها ، ومن قال بأن السياسة العامة في بلدنا تهدف لتطوير التعليم وإعطاء المعلمين حقوقهم الكاملة .... ( واهم بالفعل ) لأنه من غير المعقول ان تنشأ الأجيال بوعي كامل يعي الحق من الباطل لأنه سيغيب أباطرة الحكم وعمالقة الحكومة عن ساحة السياسة وملء الجيوب مستقبلاً ، وهذه هي نظرية الجهل والجوع متلازمتان لإبقاء حكم الزعامات الفردية .
نأمل بعد أن ثبت بشكل جاد وحقيقي بأن أندية المعلمين التي تم إنشاءها لا تلبي الطموح المطلوب في هذه المرحلة ، أن تجير هذه الأندية في أسرع وقت ممكن تحت تصرف نقابة المعلمين ، حينها سيرى البعض بان هناك نفحة من نفحات حسن النية لدى الحكومة بإنجاح نقابة المعلم والطالب و مستقبل الأردن .