jo24_banner
jo24_banner

الإخوان المسلمون وتصريحات الملك

د. انيس خصاونة
جو 24 :

تصريحات الملك الأخيرة ووصفه للإخوان المسلمين بأوصاف لا تليق بحق فئة من شعبه تمتلك أكبر القواعد الشعبية بين كافة القوى السياسية في المملكة أثارت دهشة واستغراب ليس فقط الإخوان المسلمين أنفسهم ،ولكن أطراف وقوى سياسية عديدة، منها من هو متعاطف مع الإخوان ومنها من لا يتفق فكرا ونهجا مع هذا التنظيم الذي تعرض وما يزال يتعرض لكافة صنوف التشويه والإساءة.

وجه الاستغراب بل والاستهجان من هذه التصريحات أن الملك هو قائد النظام السياسي والأصل أن يكون مرجعا للجميع فكيف سيكون قائدا لجميع مواطنيه اذا كان يهاجم طرفا وهو في هذه الحالة أكبر الأطراف السياسية وأكثرها تنظيما!

القيادة أية قيادة اذا تحيزت مع أو ضد أية فئة من الفئات التي من المفترض أنها ستقودها، لن تستطيع أن تمارس دورا قياديا فاعلا تجاه هذه الفئة. في الإدارة الحكومية وفي علم القيادة تحديدا ندرس طلبتنا في الدراسات العليا بان القيادة التي تتحيز لصالح أو ضد مجموعة من مواطنيها فهي تصبح قيادة لمؤيديها فقط ولن تستطيع عمليا أن تكون قيادة لجميع مواطنيها.

لا نعلم كيف يدعو الملك في أوراقه النقاشية الى احترام الرأي والراي الآخر وكيف يدعو الى تنشيط الحياة الحزبية ويشجع الأردنيين على الانخراط فيها على اعتبار أن الأحزاب تؤدي وظيفة التنشئة السياسية وتنظيمها من خلال بلورة وتجميع المطالب، ليعود ويوصف الإخوان المسلمين بهكذا أوصاف قاسية تحط من قدر وكرامة هذه الحزب السياسي .

لا يصدق احد في الدنيا أن الإخوان المسلمين "ماسونيين" كيف يستقيم هكذا وصف مع حزب يتخذ من كتاب الله وسنة رسوله الكريم ديدنا ودستورا لبرامجه وخططه السياسية ! الماسونية التي تتكتل وتتعنصر دعما لأعضائها بغض النظر عن كفاءاتهم وجدارتهم لا بل وأخلاقهم، حركة لا أخلاقية وعلاقاتها مع الصهيونية العالمية معروفة ومألوفة وهي تحاول أن توصل أعضائها الى مراكز صنع القرار في مختلف الدول والمؤسسات مما يتيح لهذه الفئة من الناس أن تهيمن على مقدرات الأوطان .الماسونيون الحقيقيون هم من نهبوا ثرواتنا وهم لا يعرف لهم تاريخ ولا سجلات في النزاهة ولا الجدارة ؟الماسونيون هم من لم ولن يستطع أحد الاقتراب منهم أو محاكمتهم على الرغم من الشبهات الكثيفة التي تحوم حولهم.

لا اعلم كيف يفتح الملك بابا من هذا النوع على فئة من مواطنيه سواء كانوا إخوانا مسلمين أو غيرهم، فاسحا المجال لآخرين للاقتداء به وخصوصا من القوى السياسية التي لا تتفق مع الإخوان المسلمين في الطروحات السياسية أو الإصلاحية! لا أعلم كيف يشن الملك هذا الهجوم القاسي على جماعة الإخوان المسلمين التي تتبنى مشروعا وبرنامجا إصلاحيا يستند الى التعاليم والقيم الإسلامية السمحة، ليعود الملك بعد اسبوعين لينهض بمهمة ومسئولية خدمة المقدسات الإسلامية في القدس الشريف والمحافظة عليها!

عطب كبير اصاب علاقة الحاكمية بين الملك وفئات من شعبه وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين .لن يثق كثيرون باية تصريحات مستقبلية لقيادة النظام تتضمن تشجيعا للحزبية في الأردن أو استنهاضا لهمم الشباب للانخراط والانضمام للأحزاب.

كثير من المواطنين في حيرة من تصريحات الملك وهجومه غير المسبوق على جماعة الإخوان داخل الأردن وخارجه، والأكثر حيرة هو أن الملك يوجه حديثه لصحفي يهودي معروف بدعمه الكبير لإسرائيل.

إصلاح العطب يحتاج إلى ترميم كبير ويحتاج الى تراجع عن التصريحات يرافق ذلك اعتذارا مباشرا وصريحا لجماعة الإخوان المسلمين، واتخاذ إجراءات فعلية مستندة الى نوايا حقيقية صادقة لإحداث إصلاح جوهري في العملية السياسية في المملكة.

الملك مدعو الى مراجعة نفسه فالرجوع عن الخطأ فضيلة وليتذكر أن عمر ابن الخطاب خطأته وأبكته إمرأه وأبو بكر الصديق قال في خطبته المشهورة "يا أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم فان أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني الصدق أمانة والكذب خيانة والضعيف فيكم قوي عندي حتى أرجع عليه حقه إن شاء الله والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله .... أطبعوني ما أطعت الله ورسوله فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم ".

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير