قرض حكومي جديد: 4.2 مليار دينار!
الدكتور سليمان الشياب
جو 24 :
تنوي الحكومة اقتراض 4.2 مليارات دينار من السوق المحلية على شكل سندات واذونات خزينة وذلك لأجل استخدام جزء منها لإطفاء ديون مستحقة والمتبقي لغايات أخرى ، وبهذا الاقتراض ستزاحم الحكومة المستثمرين من القطاع الخاص والأفراد على السيولة المتاحة في البنوك لغايات الإقراض وستكون الفائدة التي ستقترض بها الحكومة هذه المرة مرتفعة مما يؤدي الى أن ترتفع الفائدة على المقترضين من المستثمرين والأفراد وهذا سيقلل من إقبال المستثمرين والأفراد على الإقتراض وسيتسبب بتراجع في حركة الاستثمار وفي النمو الاقتصادي وبالتالي مزيد من الركود.
ويقترض الأفراد عادة إما لتغطية التزاماتهم اليومية واحتياجاتهم المعيشية وهؤلاء هم الطبقة الفقيرة وإما لأجل الاستثمار وتشغيل هذه الأموال وتحقيق عائد يفوق كلفة الاقتراض وهذا سلوك الاغنياء والمستثمرين وبالتالي يحقق أرباحاً من هذا الإقتراض وهذا ينطبق على الشركات والدول .
فهناك شركات ودول تقترض لتغطية ديون أو التزامات وشركات ودول تقترض لغايات الاستثمار، حيث نجد الشركات العملاقة قد تقترض لاستثمارات كبرى وكذلك الدول كأمريكا واليابان تسلك نفس المسلك حيث بلغت ديون أمريكا ما يقارب 110% من الناتج الاجمالي المحلي وبلغت ديون اليابان ما يقارب 240% ولكن هذه الدول تقترض بعملتها ولا يوجد أي سيطرة لصندوق النقد الدولي عليها وتقترض لغايات إنتاجية وليست للنفقات الجارية وهذا ردا على المسؤولين الذين يدافعون عن الاستدانة ويقولون أن هناك دولاً ديونها تفوق 200% ، وبالتالي لا يوجد وجه للمقارنة خصوصاً ديوننا الحالية علماً أن ديون الأردن في السابق كانت تدمج بين الحالتين أي لغايات المشاريع التي تولد فرص عمل وتحقق قيمة مضافة في الاقتصاد وكذلك لغايات تغطية النفقات الجارية، أما الان فالديون الأردنية منذ سنوات في غالبها تذهب لتغطية نفقات جارية أو لإطفاء ديون مستحقة وبالتالي لا تولد فرص عمل ولا تحقق قيمة مضافة للاقتصاد وتتوزع بين ديون خارجية تشكل أعباء كبيرة على الأردن من ناحية ضغط صندوق النقد الدولي على الأردن للالتزام بسداد هذه الديون التي تشكل ضغطاً على موجودات المملكة من العملات الصعبة وبنفس الوقت يواجه الأردن أحياناً مخاطر تقلبات أسعار صرف العملات التي تزيد من قيمة الدين أحياناً عندما ترتفع العملات الاحنبية أمام الدينار كما حدث في عام 2004 عندما ارتفع اليورو فزادت المبالغ المطلوبة بالدينار لتحويلها الى نفس مبلغ الدين الاصلي.
أما الإقتراض من السوق المحلي فصحيح أنه يوفر العملات الصعبة لكن الفائدة البنكية مرتفعة، وكذلك تقل السيولة المتاحة لإقراض القطاع الخاص والمواطنين ، لأن البنوك تفضل إقراض الحكومة على المستثمرين أو الشركات أو المواطنين لأن الإقراض الحكومي لا تواجه فيه البنوك مخاطر عدم السداد كما هو الحال عند إقراض الشركات والمستثمرين والمواطنين وكذلك الحكومة لا تناقش كثيراً حول سعر الفائدة لأنها تقدم خدمات عامة ولا يوجد عندها أهداف ربحية كما هو حال المستثمر، ولكن الاقتراض وبهذا المبلغ الكبير 4.2 مليارات الذي سيزيد المديونية التي هي مديونية الشعب فإن من يدفع هذه المديونية هو المواطن من خلال رفع الأسعار عليه نتيجة ارتفاع كلف الانتاج والضرائب التي تفرضها الحكومة لزيادة إيرادات الخزينة وسيدفعها أيضاً من خلال تجميد رواتب الموظفين في القطاع الحكومي لأن الحكومة لن يكون بمقدورها رفع رواتبهم وكذلك رواتب الموظفين في القطاع الخاص لن ترتفع بحجة ارتفاع كلف الانتاج والركود والاقتصادي وفي كلا الحالتين سيدفعها المواطن الفقير أما الموظفون الذين يهم أمرهم المسؤولين فإنهم سيعينوهم بطريقة العقود ويعطونهم رواتب عالية ومكافآت كما حصل في التعيينات الاخيرة وهذه الرواتب العالية والمكافآت لا تعطى لعامة الموظفين من الشعب المسحوق لذلك فالحكومة ماضية في سياسة الاقتراض سواءً داخلياً من البنوك أو من الضمان الاجتماعي (أي من مال الشعب) أو خارجياً ، وفي جميع الاحوال هي مديونية الشعب وهو من يتحمل كلفة قرارت حكومات فاشلة.
حمى الله الاردن.