الوزير رقم 53
وجدي الجريبيع
جو 24 :
ها نحن على أعتاب التعديل الخامس على الحكومة الرشيدة التي تشكلت على أكتاف الأردنيين الأحرار الذين صدحت حناجرهم على بعد أمتار من رئاسة الوزراء مطالبين بالإصلاح والعدالة .
وكغيري من أبناء الوطن انتظر هذا التعديل الذي سيحمل أسماء جديدة أو قديمة تضاف لقائمة ال52 وزير المحظوظين بالمرور أو البقاء في الحكومة الحالية ، ولا أخفيكم أن إنتظاري يحمل أملاً وهبلاً في أن واحد بأن أكون من هؤلاء رغم مخالفة الحاجة نزيهة لي ولوجود رأي أخر لها يتعلق بمواصفات الوزراء الأقرب للدوار الرابع ، وللأمانة وجدت أن هذه المواصفات لا تتطابق مع مؤهلاتي ولكن لكي نتسفيد جميعاً سأذكرها لكم .
بداية ليس مهماً أن تحمل شهادة دكتوراة من جامعة أردنية أو أن تكون نابغة في تخصصك ،يكفيك فقط أن يكون والدك أو أحد أقاربك مسؤول كبير من ذوي الألقاب يتيح لك فرصة على حساب الغير لتحصل على بعثة دارسية تسمح بالتسكع في شوارع وساحات جامعة أمريكية أو بريطانية وتعود بأي شهادة وبأي تخصص وتعمل في وظيفة مهمة بوزارة أو مؤسسة حكومية متجاوزاً الترتيب التنافسي والحد الأدنى للرواتب العادية .
ليس مهما أيضاً أن يكون والدك متقاعداً عسكريا من الرتب العادية ويعمل حارساً على مصنع أو مزرعة مسؤول ،أو حتى مصاباً عسكريا لم يحظى بمعلولية على راتبه أو حتى شهيداً إرتقى دفاعاً عن وطنه وأمته ، يكفيك فقط أن تكون إبن رئيس حكومة أو زير أو نائب أو سفير أو باشا سابق أو حالي أو من أقاربهم في الدرجة الأولى .
ليس مهما أن تكون من سكان الشلالة وقريقرة وايل والفرذخ و بصيرا والرمثا وقرية سالم و الدفيانة ،يكفيك فقط أن تسكن عمان وتحديدا دابوق ودير غبار وعبدون ، وأن تقيم الولائم لأصحاب الدولة والمعالي والسعادة والعطوفة وأن تحفظ بضعة أبيات من قصائد المديح للمتنبي لترطب الأجواء وتنفخ الرؤوس والكروش .
ليس مهما أن تصاحب علي في مدرسة القرية ومعاذ في جامعة الحسين بن طلال أو حتى تتزوج زينب بنت المختار عقلة أو ربيحة بنت رئيس البلدية ، يكفيك فقط صحبة رامي أو شادي من أبناء أصحاب الألقاب و في مدرسة ذات مواصفات خاصة جدا و في أرقى أحياء عمان ولاحقا تكمل دراستك في جامعة أجنبية ،ومن ثم الزواج في أسوأ الحالات من نتالي بنت أخت وزير دولة بدون حقيبة .
ليس مهما أن تكتب مقالات يومية في صحيفة أو موقع إلكتروني تشخص فيها الأوضاع عن فهم ودراية وتنتقد بموضوعية ، أو حتى تخرج للشارع معبراً عن رأيك ومعارضتك لوضع ما في إعتصام هنا ومسيرة هناك ، يكفيك فقط أن تسحج للمسؤولين بمهارة وتنتقد بحقارة وتلمح بشطارة .
ليس مهما أن تكون أردنيا يحب وطنه ومليكه ويخشى على مستقبله ويتحمل الظروف مهما كانت صعبة ، يكفيك فقط أن تكون من حملة الجوازات الأجنبية وتفعل جوازك الأردني ومعه ولائك وإنتمائك ليكون مرحليا فقط مع أداء القسم وينتهي بتعديل أو تغيير وزاري وبعدها تعود للجواز الأجنبي .
ليس مهما أن تحلم ويكون لديك طموح بأن تكون الوزير رقم 53 في التعديل المقبل وتحمل حقيبة وزارية تخدم فيها وطنك بأمانة وإخلاص ، يكفيك فقط أن تنام بسبات عميق لا تصحوا منه أبداً ، وإن تجرأت وصحوت يوماً إعلم أنك إرتكبت جريمة في حق نفسك والوطن الذي لم يعد لك.
ما هو ليس مهما أصبح هو الأهم ....والأهم أصبح وهماً