البحث عن حكومة جديدة
"... فإننا نتطلع إلى سرعة في الاستجابة والتنفيذ والاستعداد الأفضل لما سيستجد من ظروف وتحديات، على أساس من المسؤولية الجماعية والتشاركية والتكاملية، متمنين لكم التوفيق، ومجددين التقدير لكوادر جميع المؤسسات الوطنية على ما تبذله من جهد موصول خدمة لأردننا الأعز، وللمواطن الأردني الأغلى".
عبدالله الثاني ابن الحسين
بهذه الكلمات ختم جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين رسالته الموجهة لرئيس الوزراء عبدالله النسور يوم الأربعاء الماضي ، والتي يظن البعض ومنهم النسور وحكومته بأنها إشارة لبقائه فترة أطول في الدوار الرابع ويظن أخرون العكس بأنها الرسالة قبل الأخيرة لحكومة معدومة الثقة شعبياً .
ولكن بين هذا وذاك يقف النسور وهو على أعتاب العام الخامس والسبعين من عمره متفاخراً بإنجازات حكومته في ملف الإصلاح الإقتصادي وحماية الوطن من أزمة مالية حادة كادت أن تدخله في نفق مظلم لا قدر الله، ووأد الحراك الشعبي وإطفاء فعاليته رغم أن هناك أسباب أخرى لتراجع الحراك الشعبي أهمها الوعي بأمن الوطن وخطورة المرحلة من رموز الحراك وشبابه بعكس التهور الحكومي الذي كان سيقودنا للعكس .
وفي مراجعة بسيطة لمرحلة النسور التي بدأت في العاشر من تشرين أول عام 2012م نجد أنه يجب علينا أن نبدأ مرحلة البحث عن حكومة جديدة وذلك لعدة أسباب أهمها ما يلي :-
أولاً – الفشل الذريع في التوافق على برنامج عمل يجمع كافة أطياف العمل السياسي في الأردن بعد خيبة الأمل من قانون الإنتخاب الذي أفرز برلمان باهت لا يختلف عن غيره بالأداء ويعمل تحت عباءة الحكومة التي تمتلك الريموت كنترول الذي يتحكم به ، وخير دليل على ذلك مذكرات حجب الثقة التي تشبه عود الثقاب الذي يشتعل قويا ومن ثم يتلاشى مخلفاً وراءه دخاناً نتن الرائحة .
ثانياً – عدم إستغلال الحراك السياسي والاجتماعي باعتباره ديناميكية وحيوية تخدم السياسات العامة للدولة وليس العكس فعهد اللامبالاة وهضم الحقوق أو الالتفاف عليها يجب أن يطوى ، ومن الواضح أن المشكلة اليوم هي بالدرجة الأولى تنموية، وفتح الباب أمام صيغ جديدة من العمل، تشرك الجميع في تصور المشاكل والحلول، هو ما سينتج سياسات ذات فعالية ونجاعة تخدم الاستقرار والعدالة في الوطن وليس العكس ،إذا في تقديري الخاص لا بد من أن يكون التوافق هو شعار المرحلة، ولكنه توافق مبني على حلول للمشكلات.
ثالثا :- " الدونكيشوت " كلنا نعرف بطولاته الخيالية وكذلك نعرف من وعدنا بمحاربة الفساد ورموزه وكأنه يحمل سيف النزاهة والنتيجة قضايا فساد جديدة تضاف إلى ما سبقها ، فضيحة بيع أسهم بنك الإسكان وتجديد إمتياز شركة الكهرباء والمخفي أعظم ، فحكومة لم تستطيع للآن معالجة ملف الفساد بشكل فعال بحجة غياب أو تغييب الأدلة لا تستحق البقاء .
رابعاً :- - فقدان الشعور بالأمن والطمأنينة في الأردن وإنتشار الجريمة بشكل لافت ، فرغم النفي المتكرر وإتباع أسلوب الفزعة في معالجة قضايا العنف إلا أن هناك خلل في منظومة الأمن والأمان وغياب الثقة بالإجراءات المتبعة ، وعليه يجب أن تعاد هيبة الدولة وإعداد خطط أمنية محكمة تستبق الجريمة وتشعر المواطن بالأمن والطمأنينة .
خامساً:- غياب التجانس والتنسيق بين رئيس الحكومة ووزرائها ، حيث تعامل عدد كبير من الوزراء بقضايا تخص وزاراتهم دون الرجوع للرئيس وظهر جلياً الأنانية والشخصنة في التعامل فيها وضعف في أداء بعض الوزارات المدموجة ،إضافة لسوء إختيار بعض الوزراء في التعديل الأخير وعدم إمتلاكهم الخبرة اللازمة في العمل العام ومثلهم بعض المسؤولين في مؤسسات الدولة والذين تم إختيارهم حسب نظام الواسطة والمحسوبية.
سادساً :- تباطؤ الحكومة في إيجاد حلول ناجعة للأزمات التي يعيشها الوطن ، فالأسعار ترتفع ودخل المواطن متجمد وهناك ضعف في القوة الشرائية وإزدياد في عدد الفقراء .
سابعاً ...ثامناً ...تاسعاً ......!!!؟؟؟ وتبقي الأسباب موجودة لرحيل حكومة النسور وبإنتظار حكومة قادمة تعمل على حل جزء منها .