الإصلاح الاقتصادي.. إلى متى؟

ابان حكومة زيد الرفاعي عام 1989 قالوا لنا إنّ الإجراءات التقشفية في حينها ستنهي مأزقنا الاقتصادي ويجب أن نصبر ونتجرع الدواء لغايات الشفاء.
لكن شيئا من ذلك لم يحدث ثم جاءت حكومة عبد الكريم الكباريتي لتعلن بدورها عن إجراءات تتعلق بالخبز تحت عنوان «الدفع قبل الرفع» ورغم الرفع الذي تحقق وتوقف الدفع إلاّ أنّنا لم ننتهِ ولم يتحقق الإصلاح.
ثم تكرر المشهد مع حكومة علي أبو الراغب 2003 ولا زلنا إلى اليوم نجترّ مفهوم الإصلاح الاقتصادي دون أن تنتهي الأزمة، بل هي متفاقمة بطريقة تصاعدية مؤلمة.
الحكومة الحالية تأتي على ذات الصورة وتخاطبنا بلغة مشابهة وتقول: أنتم الحل، أنتم المرضى، اشربوا الدواء المرّ، فالدينار بخطر، الحقونا ومن ثم سننجوا وينتهي الألم.
لا يملك النسور خطة إنهاء أزمتنا الاقتصادية، أمّا صراخه المرتفع أنّنا مضطرون فلا نراه يأتي في سياق نهج اقتصادي قد ينعش آمال أردنية عريضة بطيّ ملف الأزمة.
لعلّ هذا السرد وهذه الظروف العصيبة التي يعيشها الأردنيون كما هذا التخبط في إدارة الأزمة، كل ذلك، مدعاة للدعوة إلى مقاربة توافق وطني على الملف الاقتصادي.
يكفينا عبثا في أرزاق الناس وفي فوت عيالهم، فلسنا حقل تجارب تمرر علينا في كل لحظة إصلاحات نكتشف أنّها خراب بيوت بكل ما في الكلمة من معنى.
نعم الإصلاح الاقتصادي يحتاج إلى إدارة مختلفة وتوافق وطني يجب أن يسبقه حل سياسي لأزمتنا العامة التي تعيشها الدولة في علاقتها مع نفسها ومع المجتمع.
كفانا تراقصا وتهليلا لإدارات جرّعتنا السم دون أن نستفيد ودون أن نقفل الألم، كفانا كذبا أنّنا «تمام يا افندم» ونحن في الحقيقة ننهار ونسقط ببطء.
من المؤكد أنّ ثمة حل لا زال رابضا تحت الغبار تخفيه قوى، إمّا مستفيدة من إبقاء الحال على ما هو عليه أو قوى متورطة وتخشى المساءلة.
نعم وللمرة الألف نقول إنّ ملفنا الاقتصادي يجب أن يتحرر من تبعيته للشلة التي أوصلته لأحزانه العميقة ويجب أن يطرح على توافق وطني يقرر المر منه، لكنه في المقابل يحدد نهاية الاستطعام بالمرارة وبدء مرحلة تنفس الصعداء.
الإصلاح الاقتصادي كذبة ساقتها إلينا الحكومات منذ هبة نيسان إلى هبة تشرين، وقد آن الأوان للذهاب نحو الصدق فهو منجاة يا عقلاء البلد.
السبيل