أخبار محلية
![](https://jo24.net/assets/writers/images/3d36d69179774cfc677a787f4bf32810.jpg)
حنان الشيخ
بصراحة هو نفسه لا يعلم شيئا، عن آلية انتقال الاهتمام من الموت إلى الحياة، من الخوف إلى الاطمئنان، من الضوضاء إلى الهدوء. لكنه يمني نفسه بتاريخ يعيد إنتاج الحكاية، وبالتراتبية ذاتها والتسلسل نفسه، بعد انتهاء مراسم الشهر المعتادة، وبخاصة فيما يتعلق بمتابعة الأعمال الدرامية حامية الوطيس، والإعلانات التجارية فذة الذكاء، والمسابقات الرمضانية فلكية الجوائز، والكاميرات الخفية شديدة الإثارة.
نعم، هو يعرف أنها اهتمامات مؤجلة لأجل مسمى، ويعرف أيضا أن الميادين والساحات باقية على حالها، وبالتالي الأخبار لن تطير من بين يديه، وإن حصل وطارت، لكنه واثق من نفسه ومن قدرته السحرية، على إخراج الكائن المختلف من داخله بعد العيد مباشرة! متأكد هو من تمام توقيت ساعته البيولوجية، ومن سهولة تجديد هوية المتمترس والمشدود، ليلقي به أمام شاشات مقسمة تظهر مظاهرات هنا، واعتصامات هناك، وشريط الأخبار الأحمر المحشو دما وضربا واعتقالات. لذلك فهو لا يريد أن يفتقد مقدما بعض التفاصيل، التي أدمن عليها طالما لا حال سيتبدل، بين رؤيتي هلال!
المهم بالنسبة له أن تلك الأعمال لا يمكنه متابعتها بعد الشهر، حتى ولو أنها ستعاد طوال العام. ببساطة هو ليس مهيأ لمتابعة أي شيء آخر غير الأخبار، ومشاهد متقطعة من مسلسل تركي طويل. لا يريد أن يعبث بجدول أولوياته واهتماماته، طالما الأوضاع ستتبدل تلقائيا وبدون أدنى جهد. وهو حقيقة لا يفتقد نفسه أو يشعر بالاغتراب من غيبته المؤقتة عن مسرح الأحداث. ثم إنه ممنون فعلا للشهر الفضيل. ليس لأنه أزاح بصره قليلا وقصيرا، عن صور ميدان التحرير وميادين أخرى لا تعرف إن كانت محررة أم لا. بل لأنه أيضا قدم قيمة مضافة لنوعية المتابعة والشغف. فقد عرف اليوم وبحكم الصدفة البحتة، أنه يعيش في بلد تنقطع عن بيوته المياه ثلاثين مرة بالشهر، وأن أعمال "الشغب"، كانت تتجدد من وراء ظهره، وأن المواقع الإلكترونية الأردنية محجوبة، وأن نكبة فلسطينية أخرى عنوانها "النقب" ستمر من بين راحتيه وهو يتفرج، وأن ضريبة الاتصالات هي مفاجأة العدد، وأن محكومي "موارد" غادروا السجن "بعد أن أنهوا مدة المحكومية؟"، وأن أسيرا أردنيا اسمه عبدالله البرغوثي وصل إلى "حافة الخطر القصوى"، بعد إضراب عن الطعام دام أكثر من خمسة وسبعين يوما، وهو لا يدري!
(الغد)