تعودنا عليك!
حنان الشيخ
2.. نائب البرلمان الصنديد العتيد، صاحب الطلة الذهبية والتصريحات النارية، ومؤسس لجنة اللكمات والصفعات والـ"متكات" في مجلس الأمة، وتقريبا الأمين العام لجبهة "من أين تؤكل الكتف" حزب تحت التأسيس. يخالف وثائقه المكتوبة والمسجلة صوتا وصورة، تحت إحدى خيمات المؤازرة ذات صباح كاذب، حين كان يرمي الميكرفون جانبا، مكتفيا بحنجرته الماسية وخطاباته العفوية التي يا سبحان الله، تدخل القلب هكذا بدون استئذان. يخالف وثائقه ويعاكس شعاراته و"يجاكر" مريديه، من أجل صفقة تقاعدية محترمة. يطفئ عينيه عن ملف الكهرباء والخبز والكاز وكسوة الشتاء، فلا يرفع ذراعه معترضا إلا أمام قرار التعاطي مع الملف النووي الإيراني! هذا الشخص تحديدا سيعاد انتخابه تقريبا بنفس عدد الأصوات المهيب، من أجل مرجعية ثابتة اسمها المال!
3 .. رئيس دولة لم تعد دولة بالمعنى الحقيقي. المفروض أنه بأزمة خلقت ألف أزمة في الجوار وفي الإقليم وفي القارة وفي العالم أجمع. مات من شعبه قتلا وقهرا مئات الآلاف، وتشرد الملايين في بلاد الله الواسعة وغير الواسعة. تهدمت باسمه مآذن وترملت لأجله النساء. لم يبق حائط واحد يتكئ على حائط في وطن الأشباح التي ما يزال يحكمها. توقفت ساعة القرار بسببه ثلاثة أعوام، لتشتغل بدلا عنها ساعات الانتظار الثقيل، لبادرة أي تحرك تأتي من خارج الحدود، تقول له كفى! قبل يومين كان واثقا جدا من "كاريزماه" الخاصة وهو يقول لقناة إيطالية بأنه على استعداد للترشح لمرحلة رئاسية جديدة في بلاده "أو ما تبقى منها"، فقط من أجل فكرة عقائدية راسخة اسمها الشعب!
4 .. رجل في حياتها، هاوٍ محترف ومستثمر ناجح، في مشاعرها وأعصابها وكرامتها. يتقن بجدارة اللعب على حبال أفكارها وشكوكها وشغفها. وحين يتمكن من الثبات بتوازن في منتصف الحبل، وتطمئن هي لعدم سقوطه، يقفز في وجهها ببهلوانية ماكرة، ويترك قلبها معلقا حيث كان واقفا، لحين ميسرة. خائن جدا إلى درجة العمالة! مستعد أن يتعاون مع البحر في حالة جزره، لمجرد أن يغيظ رمل شاطئها المستكين. بخيل في مشاعره في وقته في اهتمامه في هداياه في وفائه. ولكنه يعرف بالضبط متى يفتح لها الباب، هو الواثق أنها لن تغادر العتبة وتعود أدراجها. أما هي، فهي تشبه مليون "هي"، لم تكتشف بعد أن في الحياة أبوابا مشرعة للحياة، لا تريد حتى أن تسمع عنها، وذلك لأجل فكرة عميقة اسمها الحب! حالة فصام متجذرة في تركيبتنا النفسية العربية، لا أعرف على ماذا تقوم بالضبط، التربية أم العاطفة أم التعليم أم قمع حريات التفكير والرأي. حالة غير مفهومة تغلب فلسفة الاعتياد على قيمة التحرر.
(الغد)