موجة حارة وباردة في آن!
حنان الشيخ
جو 24 : حين أصادف فنانة أو فنانا أردنيا في أحد الأعمال الرمضانية، المصرية خاصة، ينتابني شعور بالسعادة، وآخر بالحسرة أعتقد أنني أتقاطع مع كثيرين منكم فيهما!
السعادة ليس مردها أنني أفخر بالإنتاج الأردني، خارج منطقة التغطية المحلية وحسب، بل لأنني حقيقة أشتاق لتلك الوجوه المضيئة، ولهذا الأداء الرائع المختلف ذي النكهة الفريدة. وهنا أنا لست مجاملة أبدا على حساب النقد البناء، لأن شهادة المختصين والمراقبين والنقاد العرب، تفوق شهادتي المتواضعة بمراحل. أقول إنني أشتاق لهذه الوجوه، لأنني أفتقدتها كثيرا خلال السنوات العشر الماضية أو يزيد، إلا لماما هنا أو خطفا هناك. والحديث عن موضوع الإنتاج الفني والثقافي الوطني لا يطول فقط، بل أصبح بلا جدوى ولا فائدة ترجى طالما أن قرارا "حكيما" صارما اتخذ بحق الفنان والمثقف أو الإعلامي الأردني، بألا تقوم له قائمة، مهما كان أو يكون!
هذا الاستسلام يغذيه الشعور الآخر بالحسرة، حين يوغل متنفذون في المؤسسات الإعلامية والثقافية الوطنية، في "مرمغة" سمعة الإنتاج الأردني، و"بهدلته" أمام الناس، الذين وفي غياب النكتة الحاضرة، أو الموقف الرسمي من شؤونهم الخاصة والحميمية كالأسعار والكهرباء والمياه والاتصالات، باتت تسليتهم الحاضرة بجودة وتجدد هي التلفزيون الأردني، والإنتاج الفني والإعلامي المحلي بشكل عام. هذا الاستسلام يتنامى ويكبر، طالما يصر كبار موظفي الدولة، المختصون بالشأن الإعلامي والفني والثقافي، على تسلم البيت من مفتاحه إلى مفتاحه، بدون أن يسمحوا "للغرباء" من أمثال الفنانين والإعلاميين والمختصين الحقيقيين والأكاديميين، حتى من الاقتراب من الباب الطويل العريض الثخين، ولو لمجرد إلقاء التحية!
لذلك لم يكن غريبا أبدا أن يجمع عمل درامي رمضاني واحد، من إنتاج مصري خالص، كتابة وإخراجا وإنتاجا، ثلاثة من كبار الفنانين الأردنيين، وهو مسلسل "موجة حارة"، من بطولة إياد نصار، ومشاركة متميزة للرائعة الكبيرة عبير عيسى، وأداء حاضر وذكي لصبا مبارك. ورغم أنني سمعتها كنكتة أثناء مشاهدتي لإحدى الحلقات، أطلقها خفيف ظل حين اجتمع الفنانان عبير وإياد في مشهد واحد، حيث علق قائلا "هلأ بيحكوا مع بعض أردني"، لكنني بصراحة إلى جانب أنني ضحكت، شعرت بالحزن يتملكني، وأنا أراهما لا يتحدثان باللهجة الأردنية، رغم أنهما كانا وحدهما!
العمل الجميل الذي أشرت إليه، لم يكتف أن يجمع فنانين أردنيين، كما عدة أعمال مصرية وسورية أخرى، لكن يضاف إليه، بل وإلى كل الأعمال العربية تلك، أنها قوبلت بتجاهل وإهمال البيت الأول، أي التلفزيون الأردني، الذي لم يكلف خاطره بأن يشتري واحدا منها، ولو على سبيل الدعم المعنوي للفنان المحلي، رغم أنه ابتاع أعمالا مصرية وسورية أخرى، إنما بدون مشاركة أردنية واحدة ولا حتى كضيف شرف.
وأنا كما قلت في البداية، لا أرجو شيئا ولا أنتظر مراجعة، ولا حتى تعليقا من قبل أي كان، لكنني سأكتفي بالتنويه الذي وضعه مسلسل "موجة حارة"، في بداية كل حلقاته، وأهديها لكل مبدعة ومبدع أبعدا عن المشهد، طوعا أو كرها "نعيش يوميا واقعا يفوق الخيال في قسوته، لسنا نحن صناع تلك القسوة، لكنها الحياة".
(الغد)
السعادة ليس مردها أنني أفخر بالإنتاج الأردني، خارج منطقة التغطية المحلية وحسب، بل لأنني حقيقة أشتاق لتلك الوجوه المضيئة، ولهذا الأداء الرائع المختلف ذي النكهة الفريدة. وهنا أنا لست مجاملة أبدا على حساب النقد البناء، لأن شهادة المختصين والمراقبين والنقاد العرب، تفوق شهادتي المتواضعة بمراحل. أقول إنني أشتاق لهذه الوجوه، لأنني أفتقدتها كثيرا خلال السنوات العشر الماضية أو يزيد، إلا لماما هنا أو خطفا هناك. والحديث عن موضوع الإنتاج الفني والثقافي الوطني لا يطول فقط، بل أصبح بلا جدوى ولا فائدة ترجى طالما أن قرارا "حكيما" صارما اتخذ بحق الفنان والمثقف أو الإعلامي الأردني، بألا تقوم له قائمة، مهما كان أو يكون!
هذا الاستسلام يغذيه الشعور الآخر بالحسرة، حين يوغل متنفذون في المؤسسات الإعلامية والثقافية الوطنية، في "مرمغة" سمعة الإنتاج الأردني، و"بهدلته" أمام الناس، الذين وفي غياب النكتة الحاضرة، أو الموقف الرسمي من شؤونهم الخاصة والحميمية كالأسعار والكهرباء والمياه والاتصالات، باتت تسليتهم الحاضرة بجودة وتجدد هي التلفزيون الأردني، والإنتاج الفني والإعلامي المحلي بشكل عام. هذا الاستسلام يتنامى ويكبر، طالما يصر كبار موظفي الدولة، المختصون بالشأن الإعلامي والفني والثقافي، على تسلم البيت من مفتاحه إلى مفتاحه، بدون أن يسمحوا "للغرباء" من أمثال الفنانين والإعلاميين والمختصين الحقيقيين والأكاديميين، حتى من الاقتراب من الباب الطويل العريض الثخين، ولو لمجرد إلقاء التحية!
لذلك لم يكن غريبا أبدا أن يجمع عمل درامي رمضاني واحد، من إنتاج مصري خالص، كتابة وإخراجا وإنتاجا، ثلاثة من كبار الفنانين الأردنيين، وهو مسلسل "موجة حارة"، من بطولة إياد نصار، ومشاركة متميزة للرائعة الكبيرة عبير عيسى، وأداء حاضر وذكي لصبا مبارك. ورغم أنني سمعتها كنكتة أثناء مشاهدتي لإحدى الحلقات، أطلقها خفيف ظل حين اجتمع الفنانان عبير وإياد في مشهد واحد، حيث علق قائلا "هلأ بيحكوا مع بعض أردني"، لكنني بصراحة إلى جانب أنني ضحكت، شعرت بالحزن يتملكني، وأنا أراهما لا يتحدثان باللهجة الأردنية، رغم أنهما كانا وحدهما!
العمل الجميل الذي أشرت إليه، لم يكتف أن يجمع فنانين أردنيين، كما عدة أعمال مصرية وسورية أخرى، لكن يضاف إليه، بل وإلى كل الأعمال العربية تلك، أنها قوبلت بتجاهل وإهمال البيت الأول، أي التلفزيون الأردني، الذي لم يكلف خاطره بأن يشتري واحدا منها، ولو على سبيل الدعم المعنوي للفنان المحلي، رغم أنه ابتاع أعمالا مصرية وسورية أخرى، إنما بدون مشاركة أردنية واحدة ولا حتى كضيف شرف.
وأنا كما قلت في البداية، لا أرجو شيئا ولا أنتظر مراجعة، ولا حتى تعليقا من قبل أي كان، لكنني سأكتفي بالتنويه الذي وضعه مسلسل "موجة حارة"، في بداية كل حلقاته، وأهديها لكل مبدعة ومبدع أبعدا عن المشهد، طوعا أو كرها "نعيش يوميا واقعا يفوق الخيال في قسوته، لسنا نحن صناع تلك القسوة، لكنها الحياة".
(الغد)