مصر وحكم العسكر
تأتي دعوة الفريق السيسي للجماهير المصرية النزول للشارع وتفويض الجيش بمواجهة التطرف والعنف ووقف انهيار الدولة المصرية في وقت بدأ ان جماهير " رابعة العدوية " يرفعون شعار واحد وهو اسقاط العسكر ، للتحريض على أهم مؤسسة وطنية في البلاد تحت راية الجهاد في سبيل الله ! وكذلك لما آلت اليه الحال من فوضى ودم وتفجيرات تمهد لفوضى اكبر يراقبها الاخوان بحذر وليس بردع من يتولاها والتي ستدفع الى صراع ديني وطائفي ومدني كبير ،وكذلك بهدف خلق توازن شعبي بين مؤيد للعسكر ومعاد له .
العسكر قادرون على حشد ملايين المؤيدين بارقام ستفوق ارقام رابعة وغيرها ، وقد يمنح العسكر هذا الاستعراض " الكبير " فرصة التفويض الشعبي المطلوب من اجل الحيلولة دون ان تكون سيناء تورا بورا مصر ،وكذلك ستدفعهم إن استمر التعطيل الانقضاض على الإخوان واستكمال ملاحقة النشطاء منهم وفض الاعتصامات بالقوة وفرض مناطق امنية محددة .وإعادة الحياة للشارع المصري بعد ان سكنته فوضى المسيرات والاعتصامات والمواجهات الدموية بين ابناء مصر .
لا ادري كيف يمكن رفع شعار اسقاط المؤسسة العسكرية كبرنامج وطني يحمله الإخوان في مصر في وقت تستباح بعض اراض مصر وحدودها من قبل قوى ظلامية تغتال الدولة وتسعى لخرابها ! ولمصلحة من يراد اسقاط المؤسسة العسكرية الوطنية التي حققت انجازا عظيما في مرحلة ما بعد مغادرة مبارك وحتى تسلم مرسي رئاسة الدولة .
ولا ادري هل يقبل الاخوان ما يجري اليوم من توسيع دوائر العنف والمواجهات وسقوط الضحايا ! وهل يقبل الإخوان بان تستباح ارض مصر وحدودها من قبل المتطرفين و "العابثين" بشؤونها !
لست مع عزل مرسي ولن اكون ..لكني مع مصر ، ومع الجيش ومؤسسات الدولة ،ومع الاستقرار والتنمية في مصر ، فمصر هي احدى اجنحة الأمة ومخالبها القوية الداعمة للأمة ، واضعافها يعني خدمة اهداف اعداء هذه الامة في تدمير دول كبيرة كما دمرت العراق وسوريا من قبل .
مصر تعاني ما تعانيه من اوضاع اقتصادية واجتماعية وسياسية صعبة .ولا تحتاج لمزيد من التدهور على صعيد أمني وانقسامات في الشارع .
في مثل حالة مصر ..العسكر هم صمام الأمان ، كانوا صمامها بعد الثورة حين اطاحوا بنظام مبارك وحافظوا على أمن مصر واستقرارها واستكملوا خطوات تنفيذ "مطالب الثورة " " في اعتقال مبارك وعائلته وكل رموز الفساد الكبار حتى اليوم ، وكذلك في ادارة انتخابات نزيهة حره قادت الجماعة لتولي الحكم و تسلم مرسي ، وسيبقون صمامها حتى في مرحلة ما بعدمرسي .
على الجماعة الاسلامية أن تصبر وتحتسب ، فمرسي ليس خليفة الله ولا نبيه ، والدولة الفتية التي اقامها الاخوان اضعف من ان تستمر في ظل اوضاع اقليمية وداخلية معقده ، وعلى الاخوان الانتظار كي يعاودوا " الكر " من جديد بعد ان يقيموا قاعدة عظيمة من ثقافة التغيير السلمي والتشاركية واحترام مكونات الشعب الثقافية والاجتماعيةوالسياسية والقبول بتشاركها، فتلك هي المهمة التاريخية التي تقع على عاتقهم الى جانب المساهمة مع العسكر بحفظ أمن مصر وحماية شعبها من أية فوضى قادمة وليس الدعوة لإسقاطهم ،لأن الفوضى ستستهدف الاخوان اكثر ما تستهدف العسكر نوحينها لن نصل بمصر الى بر الأمان الذي يتحدثون عنه .
الاخوان قادرون الأن على ضبط الايقاع والسيطرة على الوضع ، لكن ، من يدري إن تعاظمت الفوضى .فهل سيكون لهم الكلمة العليا إن اتيح المجال لتيارات الفوضى والارهاب والقتل ان تستبيح الشارع المصري !!
العودة بمصر للاستقرار قرار بيد الاخوان الأن كما هو بيد العسكر والقوى الوطنية الباحثة عن مخرج للأزمة ، لكن إن استمرت " رابعة العدوية " بالفوضى وإيهام الجموع بتخيلات ورؤى نبوية تتحدث عن "عظمة مرسي وفضائله الملائكية والربانية التي جعلته على حد تعبير احد قادتهم يؤم بجموع المصلين بحضور النبي عليه الصلاةو السلام وما يشاع عن مباركة الملائكة لتلك الجموع ، فإنها تتعمد مخاطبة " الأميين "من انصارهم كي يتمسكوا برسالة " مرسي " ويدافعوا عنها في مواجهة الشياطين !!!!وستمنح تلك الصورة والحالة " النفسية الملائكية " ودون قصد بخروج الاصولية التكفيرية والسلفية الجهادية والقاعدة وغيرها وانتشار مظاهر القتل والذبح والتفجيرات ، واستمرار تقسيم ابناء مصر بين "خائن للثورة " ومعادين للدين وبين مؤيد لحكم الجماعة ، فحينها لن يكون القرار بيد الإخوان ، بل وستلجأ الجماعة للمؤسسة العسكرية كي تنقذها مما سيؤول اليه الحال ..
اقولها بصراحة ..ليس من حق اي مواطن في مصر ان يستبيح الدولة ويعطل المؤسسات ويدمر الدولة من اجل ازمة كباقي ازمات عانت منها الاحزاب والقوى طوال عقود مضت ، فصبرت وتحملت وعانت ومن ثم تولت الحكم .
وليس من حق الجماعة أن تتولى خطابا دينيا "مغامرا متطرفا " تزينه بخزعبلات الرؤى والأحلام النبوية لخدمة اهدافها ، فسياسة التجهيل ونشر احلام دولة عمر بن الخطاب وعمر بن عبدالعزيز تحتاج لخطاب عقلاني متزن لا خداع فيه ولا تشويه ولا عدوة للعنف والقتل ومحاربة او إقصاء الأخرين .
الخطاب الاسلامي مرتهن بكل اسف لمجموعة "متطرفين ومغامرين " وليس لنخبة سياسية حكيمه تحكم قرار الجماعة الأن سواء أكان في مصر او خارجها ، فكل مناشدات اردوغان السابقة للرئيس مرسي ومناشدة وتصريح الغنوشي بالحفاظ على امن واستقرار مصر وعدم اللجوء للعنف وكذلك مناشدةعلماء الاسلام الاكفاء لم تثن الجماعة عن توجهاتها وخلق فوضى في مصر لاسترداد كرسي مرسي ! وما تلقاه الاخوان في مصر من دعوات متطرفة شبيهة لدعوات الإخوان في الأردن في تشكيل جيش حر او استمرار المصادمة والتحد دون اعتبار لأمن الدولة واستقرارها يبدو بكل أسف انها هي التي تلقى الأذان الصاغية هناك ، وإن حدثت هناك ، فمن هم خارج حدود مصر سيواصلون مشاهدة العنف وتدمير الدولةالمصرية عبر شاشات التلفاز كما هي حال من ورّط ثوار سوريا بحربهم وعنفهم وهو جالس في فنادق فخمة في اسطنبول و الدوحة .