مدير المخابرات العامة وارتداء «المدرقة»
تداول عدد كبير من الصحف الإلكترونية خبرا مفاده أنّ مدير دائرة المخابرات العامة الأردنية قد أقسم بأنّه سيلبس «المدرقة» إذا بقي حراكي أردني واحد بعد عام من الآن، وقد انتظرنا نفيا لهذا الخبر من الجهات المعنية ولم يحصل هذا، ممّا يدلّ على أنّ الخبر مادة صحفية مناسبة للتحليل والاستدلال. لا نعلم فيما إذا كان مدير المخابرات قد قام بقسمه هذا ثقةً بنفسه أو رفعاً للروح المعنوية للعاملين في الدائرة لإسكات صوت الأردنيين الذين يمارسون حقهم في التعبير الذي كفله الدستور؟ أم أنّ هذا القسم يأتي في إطار التهديد والوعيد بأنّ مرحلة الربيع الأردني قد شارفت على الانتهاء؟ لا أعلم موجبات مثل هذه التصريحات غير الملائمة وغير المنضبطة وغير الدبلوماسية، علما بأنّ الفريق الشوبكي عمل سفيرا سابقا ويعرف معنى الأساليب اللينة والدبلوماسية في التعبير. لا نعلم على ماذا يراهن الشوبكي عند إطلاق مثل هذه التصريحات وكيف استطاع أن يحدد سنة واحدة ليصبح الحراك في خبر كان؟ هل يراهن على نتائج مخاضات سوريا وتفاعلات أحداث مصر؟ أم يراهن على أنّ النظام السياسي الأردني سيستجيب لمطالب الحراك الإصلاحية على طريقة ملك المغرب ويحقق تطلعات الأردنيين بإحداث تغييرات تمسّ جوهر الحياة السياسية ويتنازل الملك عن صلاحياته الكبيرة التي تجعل منه حاكما شبه مطلق؟
أعتقد أنّ الفريق الشوبكي لم يقصد بقسمه أنّ الحراك سيتفكك بسبب انتفاء سبب وجوده وتجاوب القيادة السياسية لمطالبه وتحقيق غاياته وأهدافه. قسم مدير المخابرات، إذا كان قد حصل فعلا، يدخل في باب الاستعراض للقوة وفتل العضلات والتخويف وهذه أساليب تقليدية معروفة وتدخل في باب إضعاف معنويات الحراك والنيل من عزيمته وقدرته على الاستمرار.
نؤكد للفريق الشوبكي أنّ قراءته للمشهد خاطئة واستشرافه للمستقبل القريب يدخل في باب التنجيم وليس في باب المعلومات الاستخبارية الرصينة. المعارضة في الأردن تزداد زخما، فالأردنيون انتصروا على مخاوفهم التي زرعتها الأجهزة الأمنية على مدار عقود من الزمن وهم اليوم أكثر إصرارا على إصلاح نظامهم السياسي أو إعادة صياغة هذا النظام ليتيح لهم إدارة أنفسهم بأنفسهم والتخلص من رموز الفساد وأزلامه الذين أهلكوا الحرث والنسل ودمّروا البلاد والعباد، ومنهم بالطبع مسؤولون سابقون في دائرة المخابرات العامة. ننصح الفريق الشوبكي أن يتراجع عن تصريحاته غير الموفقة أو ينفيها إذا لم يكن أدلى بها، ونؤكد له في حالة إصراره عليها بأن يبادر إلى شراء «المدرقة» التي أقسم بارتدائها إذا بقي الحراك بعد عام من تصريحاته لأنه سيكون مضطرا إلى ارتدائها برا بقسمه.
(السبيل)
