عذرا.. الإسلام السياسي ليس تحديا للمسيحين العرب
لم يكن موفقا مؤتمر "التحديات التي تواجه المسيحيين العرب" المنعقد في عمان حين قرر أن الاسلام السياسي هو التحدي الاكبر للمسيحيين العرب. هذا غير صحيح وغير دقيق ويحتاج الى تدقيق اكبر وانصاف ثم موضوعية تبتعد عن الغرض والتوجيه السياسي الملحوظ للمؤتمر.
لو أخذنا مصر نموذجا فقد ثبت أن الاستبداد هو من كان التحدي الاعظم للمسيحيين في مصر، فمن فجر الكنائس هو حبيب العادلي وزير الخارجية ومن حماها بطوق من الشباب هم الاسلاميون.
من لا يرى من الغربال كمن لا يريد ان يرى، فمحمود جمعة الذي كان ضيفا على المؤتمر هو من الشخصيات التي كانت تشرعن عمل العادلي وقد شرعنت عمل بلطجية السيسي حين حرقوا الكنائس ليلة الانقلاب.
لقد فاز الاسلاميون بانتخابات مصر على قاعدة التنافس الشريف وحين صيغ الدستور تركت المواد المتعلقة بالمسيحيين لهم حيث كتبوها كيفما يريدون.
التحدي الاكبر الذي يواجه المسيحيين العرب هي الانظمة الحاكمة المستبدة التي تريد ابقاء النزاع مشتعلا بين المسيحية والاسلام السياسي.
بيد ان اسلاما سياسيا متطرفا هو من فعل ذلك وبالتالي يريدون من المسيحيين المشاركة في الاستبداد من خلال المساهمة بإبقاء الوضع على ما هو عليه.
الاسلام السياسي الذي حكم في مصر لبرهة قصيرة قبل الانقلاب عليه من الاستبداد لم يظلم مسيحيا وكان يسعى الى دولة المواطنة بكل السبل والطرق المتاحة.
ما يجب ان يدركه المسيحيون انهم باقون في المنطقة ولا يمكن لاحد ان يزحزح تواجدهم، كما يجب ان يدركوا ايضا ان الاسلام السياسي باق ولن يمحوه احد. هذه المعادلة لا يستقيم معها الا التعايش والقبول بالآخر فالاسلام السياسي حتى المتطرف منه لم تكن ادبياته يوما لتدعو الى إلغاء المسيحيين بل على العكس تم تقديرهم الى أبعد مدى.
أما ما ليس مقبولا فهو ان يشارك المسيحيون العرب في المؤامرة على الاسلام السياسي متسلحين بانظمة رجعية واستبداد مصيره الزوال وطريقه الفتنة. كل التقدير للمسيحيين العرب والاحترام لقلقهم ومخاوفهم لكن علينا ان ندرك انها محاوف صنعتها بربوغاندا تحايلية لا تريد الخير لاحد.
(السبيل)