2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

قضيتان .. محكمة أمن الدولة ومجلس الأعيان

د. انيس خصاونة
جو 24 :

** المطلوب إلغاء محكمة أمن الدولة وليس تعديل قانونها

قيام الحكومة بإجراء تعديلات على قانون محكمة أمن الدولة لتنظر فقط في قضايا التجسس والإرهاب والخيانة العظمى يشكل خطوة إصلاحية إيجابية على طريق الإصلاح، ولكنها خطوة متواضعة وغير كافية. تبقى هذه المحكمة غير دستورية وغير مرغوبة شعبيا ويمكن توجيهها بأي لحظة لتنظر بقضايا مدنية والتعامل معها على أنها قضايا إرهاب. من سيعرف لنا القضية فيما إذا كانت قضية إرهابية أم قضية نضالية؟

دستورية هذه المحكمة مشكوك فيها لأن صلاحية إنشائها بيد رئيس الوزراء، ورئيس هذه المحكمة هو الذي يقوم بتعيين القضاة المدنيين، في حين يتم تعيين القضاة العسكريين من قبل رئيس هيئة الأركان، وهذا الأمر تغول صارخ على صلاحيات السلطة التشريعية والقضائية. من سيفسر لنا قضية الدفاع عن النفس والذود عن الكرامة على أنها قضية مدنية مشروعة أو قضية إرهاب؟ وماذا عن تهم قدح المقامات العليا وإطالة اللسان والإساءة للملك وتقويض نظام الحكم وغيرها من التهم "المفبركة "والملفقة؟

هل ستستمر المحكمة سيئة الذكر في النظر فيها ؟ الخطوة الإصلاحية الحقيقية التي نحتاجها فعلا هي إلغاء محكمة أمن الدولة، وإعادة الصلاحيات للمحاكم النظامية لمحاكمة المدنيين أمام هذه المحاكم، وعدم محاكمة أي مدني تحت مظلة محكمة عسكرية لا تستوفي الشروط الدستورية من حيث حماية حقوق المتهمين وحقهم في الدفاع عن أنفسهم، وتوكيل من يشاؤون لهذه الغاية.

المحاكم العسكرية تعطل القوانين المدنية، وقضاتها يتلقون تعليمات وأوامر من السلطات العليا في الدولة ليحكموا وفقا لتوجهات السلطة ورؤسائهم ممن يحملون رتبا عسكرية أعلى منهم. محكمة أمن الدولة مؤسسة غير مرغوبة ولا ينسجم وجودها وعملها مع قيم الحرية والديمقراطية، وقد حان الوقت لإلغائها وإلغاء كافة القوانين المتخلفة التي تحاكم الناس بتهم قدح المقامات العليا وتقويض نظام الحكم وإطالة اللسان. الإصلاح "بالقطارة" إصلاح بطيء وممل ويشوه الصورة العامة والإجمالية لشكل الحياة الديمقراطية؛ حيث تفقد مكونات النظام السياسي من دستور وسلطات وهياكل وقوانين خاصية الانسجام والتناغم، التي تجعل منها أنظمة فرعية متفاعلة تكمل بعضها بعضا، بدلا من التناقض والتضارب بسبب عدم شمولية الإصلاح وتحفظه وبسبب الأسلوب "الترقيعي" المتجزئ، الذي يغلب عليه رغبات وتوجيهات القيادة بدلا من رغبات ومطالب الشعب في الإصلاح.

الديمقراطية لها استحقاقات ومتطلبات معروفة والإصلاحات المجتزئة والمنقوصة لا تنجز إصلاحا سياسيا جوهريا يلمس الناس آثاره ونتائجه. وعليه فإن إعادة نظر شاملة في الدستور الأردني وخصوصا مواده المتعلقة بصلاحيات الملك الأسطورية ومسألة جعل مجلس الأعيان منتخبا وليس معينا، وتحقيق الاستقلال الحقيقي للسلطة القضائية وإلغاء محكمة أمن الدولة تعتبر خطوات ضرورية إذا كان النظام السياسي الأردني جادا وصادقا في مسعاه لإحداث الإصلاح السياسي.

** شتان بين أداء مجلس الشيوخ في أمريكا وأداء مجلس الأعيان في الأردن !!!

أفكار وشجون كثيرة انتابتني وانتابت كثيرا من المواطنين الذين استمعوا لمناقشة وشهادات وزراء الخارجية والدفاع، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية بشأن الضربة الأمريكية المحدودة والمتوقعة ضد النظام السوري.

الملفت للانتباه المناقشة الجادة والعلنية من قبل أعضاء اللجنة في مجلس الشيوخ، وردود الوزراء المشاركين في النقاش، واستناد ذلك كله لمعلومات واستنباطات وسيناريوهات مثل ماذا لو؟ لم نر مسدسات أو أحذية متطايرة أو لكمات وضربا بالأيدي أو بمواد صلبة أو سائلة أو التهديد والوعيد بين المناقشين.

طبعا يعقب هذه المناقشة العلنية مناقشة سرية للإجابة على بعض الأسئلة الحساسة، والتي تتطلب الإجابة عليها الإفصاح عن معلومات عسكرية أو استخباراتية حساسة وسرية. أين مجلس الأعيان الأردني المبجل من مثل هكذا نقاشات؟ مجلس الأعيان في حال اجتماعه أكثر ما تسمع من أعضائه يخاطبون بعضهم "دولة أبو فلان ومعالي أبو علنتان والباشا زيد والشيخ عبيد". الأهم أن هذا المجلس لا يوجد فيه نقاش حقيقي وذو معنى، وأن أكثر الكلمات تكرارا "توجيهات سيدنا وحكمته والإرادة الملكية " والرد على خطاب العرش وهذا كله كلام خال من الفائدة، لا للوطن ولا للمواطن. الجلسات في مجلس الأعيان جلسات شبيهة بالجلسات الجنائزية الحزينة حيث يرتدي الكثير من أعضاء المجلس بدلات سوداء، ويغلب على معظمهم إما الصمت أو النعاس أو كلاهما. متى نتخلص من

هكذا مجلس ويصبح مجلسا منتخبا مليئا بالحيوية والنقاش، وممارسة صلاحية استدعاء المسؤولين، كوزير الخارجية ووزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان، أو غيرهم، لمناقشتهم مناقشة جوهرية في موازنة القوات المسلحة، البالغة ألفي مليون دينار أردني، أو في موقف الأردن من الانقلاب في مصر ومن الأحداث الجسيمة والفتاكة على حدودنا الشمالية الملهبة، ولنرى الشيوخ الأردنيين كيف يناقشون "وينشفون ريقهم "للمسؤولين"؟. هل نستطيع أن نحلم ونتوقع مثل هكذا المجلس بأعمارنا لنبتهج قبل لقاء وجه ربنا !!!هذا يبقى سؤالا مفتوحا للقراء الكرام.

(السبيل)

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير