"استئساد" حكومة
إياد الوقفي
جو 24 :
لم أتفاجأ مثل غيري من الأردنيين بإقرار الحكومة وعنادها العمل في التوقيت الصيفي ونحن ما زلنا في فصل الشتاء، فشأن الحكومات في بلدنا لم يعد يتعدى دور التضييق على المواطن ومحاصرته في لقمة عيشه، حتى بات الشعب في واد والحكومة في واد آخر، إذ لم تفلح كل المحاولات الشعبية والنيابية ثني الحكومة عن قرارها وضربت عرض الحائط بمطالب الشعب وممثليه.
"استئساد" الحكومة في اتخاذ هذا القرار يبدو وكأنها تثأر لنفسها بعد أن وجهت إليها أصابع الاتهام في التقصير وغيابها أو تغييبها عن الخوض والحديث في ملفات أغرقت التساؤلات في حينه مواقع التواصل الاجتماعي، بما يؤشر أنها نأت بنفسها وربما تخلت عن صلاحيات هي في صلب عملها ودائرة اهتمامها، بعد أن فشلت في إدارة الملفين السياسي والاقتصادي وقلصت من دورها طوعا أو كراهية، حتى باتت تكتفي بدور المراقب عن بعد ولم تعد لاعبا يعتد برأيه، بعد مغادرة الحلبة في قالب أخرجها عن دورها حتى باتت تشكل الحلقة الأضعف بين مؤسسات الدولة.
الملفان السياسي والاقتصادي من بين أبرز الأولويات والملفات التي على الحكومات أن يكون لها الكلمة والقول الفصل، وضعف أداء الحكومة الحالية لا يعني تقزيم دور الحكومات، إذ من شأنه أن يأتي بشقيقات خالية الدسم لا تتماشى مع الأهداف والغايات من تشكيلها ودورها في تحمل كامل المسؤولية وفق ما نص عليه الدستور بكونها صاحبة ولاية عامة.
نهج توزيع جوائز الترضية في تشكيل الحكومات لم يعد مواتيا أو مجديا في ظل غياب المعايير الحقيقية والعادلة في اختيار الطاقم الوزاري، والمحاصصة الجغرافية غيّبت مبادئ وأعراف ديمقراطية أثبتت فشلها بعد كل ما شهدناه من تراجع في الأداء، حتى باتت صفة متأصلة دُمغت بها حكوماتنا وأصبحت عنوانا يلازمها منذ لحظة التشكيل وحتى تقديم الاستقالة أو الإقالة.
حالة الوهن التي تسللت إلى مختلف المؤسسات لم يسبق لها مثيل، ومدعاة للتوقف عند هذه المحطة وإعادة صياغة في ثقافة مفهوم العمل والخدمة العامة وتأطيره في سياق متصل بآليات حقيقية من شأنها أن تحقق ثورة بيضاء إذا ما أردنا النهوض باقتصادنا وخدمة مواطننا، حتى تكون الحكومات عونا للشعب لا عبئا عليه، إعادة الثقة بين الحكومات ومجاميع المواطنين ليس بالأمر السهل ومجرد حديث عابر لا بد أن يسبقها إجراءات تعزز من البناء الذي تصدع بفعل ممارسات وسياسات رسمية لم تجد ترتيب الأولويات.