jo24_banner
jo24_banner

بعد إقرار"الانتخاب"..السر يكمن في التطبيق

إياد الوقفي
جو 24 :
 أقر مجلس النواب قانون الانتخاب بعد جدل نيابي تحت قبة البرلمان، قدم خلاله نواب حجتهم ودفوعاتهم في تأييد ومعارضة بعد البنود المفصلية، منهم من اعترض واعتبر أنها تقلص عدد الدوائر المحلية لصالح الدائرة العامة وتشكل ظلما للأطراف والبوادي، فيما رأى آخرون توطئة تمهد لفئات مغيبة تجعل منهم شركاء في صنع القرار، وتؤسس لمرحلة جديدة من الإصلاحات تمكّن مجلس النواب من القيام بدوره الرقابي والتعاطي بندية مع السلطة التنفيذية.

إشباع مائدة النواب بالجدل والحوار، نهج ديمقراطي يمثل ميزة تكفل الخروج بتصور يصوب الاختلالات والتشوهات وإتاحة المجال إلى أحقية الاستماع إلى الرأي الآخر، ضمن أطر وأعراف ينبثق عنها تشكل موقف الأغلبية بما يتوافق مع أصول ومبادئ العمل النيابي.

من البديهي أن تتضمن التعديلات نسفا لبعض التقاليد الانتخابية التي أسفر عنها انتخاب نواب غير مؤهلين للتصدي لمهمة التشريع، وإقرار آليات جديدة من شأنها الخروج برؤى تتماشى مع روح العصر بما يكفل تحسين المخرجات، لا سيما في ظل تذمر الناخبين من أداء المجالس النيابية والمطالبة بحلها بعد انقضاء فترة وجيزة على انتخابها.

بات ضرورة انحياز وانتصار السلطة التشريعية إلى قضايا تمكين المرأة والشباب، بما يحتم إجراء تعديلات تخدم تحقيق هذا الغرض، من باب إعطاء هذه الفئة حقها في التعبير عن رأيها، ورفع الوصاية عنها بما يصب في خدمة المجتمع الذي يشكل فيه الشباب الأغلبية، وتحرير الناخب من بعض القيود الانتخابية التي تخضع لاعتبارات جغرافية أثبتت قصورها في إفراز مجالس نيابية قادرة على استيعاب حجم المتغيرات، والمقدرة على مواجهة تغول الحكومات عبر إقرار مشاريع قوانين مجحفة بحق الناخبين.

تحديث المنظومة السياسية يستدعي خطوات تذكي القيم الديمقراطية وتفسح المجال أمام تداول السلطة، من خلال إعادة شرايين الحياة للأحزاب التي تقطعت أوصالها ولم تخلف أثرا على أرض الواقع، نتيجة افتقارها إلى البرامجية والقواعد الشعبية واختزال أدوارها في شخوص لا يتعدون أصابع اليد الواحدة، وإفساح المجال نحو حياة حزبية فاعلة للوصول إلى برلمان عماده الأحزاب.

التحديث يعني في أبسط مفاهيمه ترسيخ مفهوم دولة القانون والمؤسسات، وكيفية البحث في سبل وطرائق من شأنها فتح الطريق أمام قطار الإصلاح، الذي تعطل إثر اصطدامه بجدران سميكة يصعب اختراقها بأدوات تقليدية، ويحتم توافر بيئة تقوى على مواجهة كل الاحتمالات والمتغيرات.

إقرار القوانين والتشريعات غاية في الأهمية، لكنه غير كاف إذا لم يقترن بحسن التطبيق، وهذا بحد ذاته يشكل منطلقا وتحديا أمام صانع القرار في محاصرة أصحاب الهوى، والتصدي لقوى امتهنت تقويض الإصلاح ومحاولة منع التغيير باتجاه التجديد، بكونه يشكل مخاطر على امتيازاتها ومكتسباتها.
 
تابعو الأردن 24 على google news