عينان حمراوان ردا على عين رئيس الوزراء!
إياد الوقفي
جو 24 :
وصلت أسعار المواد التموينية إلى مستوى اقل ما يمكن وصفه بضرب من الجنون، بعدما ارتفعت إلى ضعفين وثلاثة على مرأى ومسمع من الحكومة، برغم عين رئيس الوزراء الحمراء التي وعد بها ردا على احتكار وجشع تجار الأزمات، وكما استعرضت في مقالة سابقة فإن أثر التهديد المباشر لم يترك أثرا على غالبية التجار ولسان حالهم يقول، تهديد ووعيد الرئيس بعين حمراء واحدة سنرد لدولته الصاع صاعين ونقابله بعينين حمراوين.
انفلات الأسعار الملفت يفند ادعاءات الرئيس أثناء حديثه في جولاته وصولاته أن فئة قليلة من التجار لا يلتزمون بالتسعيرة، ليتبين بعد أيام معدودات أن الغلاء تحول إلى ظاهرة يتعذر تطويقها في ظل غياب الرقابة والصمت الرسمي، إذ لم نسمع عبر أي وسيلة إعلامية استخدام الحكومة لسلطاتها الدستورية بحق تجار مخالفين ضربوا الحائط بكل ما صدر عنها من تصريحات بشأن محاولة ضبط الأسعار.
سلاح مقاطعة "المواد الأساسية" في مواجهة موجات الغلاء لن يبدو فعالا، بخاصة ونحن على أبواب الشهر الفضيل، والأجدر في الحكومة أن تكشر عن أنيابها بحق كل من يغالي ويتلاعب بقوت المواطن، الذي وقع فريسة بين مطرقة جباية الحكومة وسندان انتهازية التجار، بعد أن حلّقت الأسعار إلى مستوى يحتم على الحكومة التدخل لكسر أجنحة من شبوا عن الطوق ايذانا ببدء ضبط السوق وتهدئة الشارع.
أسعار المواد التموينية تجاوزت حدود المنطق إلى حد لا يمكن السكوت عنه، وينذر بردات فعل بحجم وجع المواطن الذي اكتوى بنار السياسات الحكومية دون أدنى مسؤولية من جانبها إلى ضرورة التنبه وحسن تقدير العواقب واحتواء حالة الاحتقان في الشارع، والعمل بسرعة على معالجة فوضى الأسعار وكبح جماحها.
ما من مصلحة لأي جهة في شيطنة القطاع التجاري، بيد أن متوالية رفع الأسعار تتحدث عن نفسها، ومن واجب السلطة التنفيذية أن تقف في صف المستهلك في وجه تعنت فئة قدمت مصالحها الذاتية على حساب أمن المواطن المعيشي، مما يشكل اقترابا من خط شديد الاحمرار يمثل السكوت عنه أشد خطرا بدرجات من معاقبة تجار متجاوزين.
تقاذف التصريحات بين الحكومة والقطاع التجاري ليس من بين الاهتمامات الشعبية في الوقت الذي يلقي فيه كل طرف اللوم على الآخر، والمواطن معني بالدرجة الأولى بخفض الأسعار، لا سيما بعد أن اعتاد المستهلك الأردني أن أسعار السلع التي تشهد ارتفاعا عادة ما تبقى في حدود أعلى مستوى وصلت إليه.
عجز حكومي أبلج في مواجهة انتهازية فئة تبرأت من أبناء جلدتها، ارتأت أن تضع نفسها في مواجهة مباشرة مع الشعب، ستتحمل كلفها الحكومة ومؤسساتها التي لم تعد تملك ترف الوقت.