الإصلاح..صراع نخبوي يعكس تعدد المرجعيات
إياد الوقفي
جو 24 :
يبدو أن الإصلاح في الأردن إشاعة يعترض سبيل تحقيقه عديد المطبات ويمر في مراحل حرجة، بما يؤشر إلى وجود قوى وجهات تتأثر سطوتها من ثالوث الإصلاح السياسي والاقتصادي والإداري، حتى تستمر في السيطرة على مفاصل صنع القرار، في ظل غياب الدور الواضح لسلطة الحكومة التي استمرأت البقاء جسد بلا روح.
من يرقب المشهد الأردني يلحظ مدى تعدد المرجعيات، ليبدو الأمر وكأن لكل "شيخ" أو سلطة طريقة في إدارة دفة الحكم، بعد انقسام العقل الجمعي للدولة، الذي بدا وكأنه يعمل في جزر معزولة إثر التضارب في الأولويات والغايات، وغاب عن ذهنها أن إشاعة مناخ الحريات العامة كفيل بصون حقوق الأفراد ولا يتضارب مع مصالح الدولة.
بيد أن ما تشهده الساحة المحلية من مآثر في الحديث عن الإصلاح وأهميته على هيئة جلسات وندوات لن يتعدى حدود تأثيرها حجم المساحة الجغرافية التي يتردد فيها صدى أصوات المحاضرين، دون أدنى اهتمام من بعض مراكز صنع القرار في محاولة استيعاب مدى الضرورات والمتغيرات الدولية، التي تمضي في نهج يبدو أن البعض من أصحاب النفوذ ارتأى المسير في خطى معاكسة، غير آبه بما ستخلفه هذه السياسات من تداعيات على المستوى الوطني.
صراع النخب إن جاز التعبير، ليس في مصلحة الدولة ومن يتفيأ ظلالها من الأردنيين الذين سئموا الوعود في الإصلاح المزعوم دون نتائج ملموسة على أرض الواقع، وإفراغه من مضمونه نتيجة ممارسات ناجمة عن عدم دراية وضيق أفق تسهم في تأجيج وانقسام الشارع، الذي ضاق ذرعا بسياسات عشوائية خلفت تبعاتها جمرا تحت الرماد.
لعبة شد الحبل بين موازين القوى المتصارعة، لا تدرك حجم المخاطر المترتبة على هذه السياسات وانعكاساتها على المديين القريب والمتوسط، مما يحتم ضرورة اتفاق القوى والجلوس على طاولة واحدة، وإن بدت مهمة صعبة نتيجة خلط الأوراق وما رافقه من سيناريوهات سحب وإضافة، إلا إن المسؤولية الوطنية تقتضي الالتقاء والتقارب في وجهات النظر من باب الحاجة الملحة، بغرض الانسجام مع الخطاب العام للدولة.
علاقة الدولة بمواطنيها يجب أن تتعدى حدود الإفراط في المزاجية والاحتكام إلى سلطة القانون الذي نظم علاقة الأفراد في المؤسسات، بما يفسح المجال أمامهم في التعبير الحر عن آرائهم، ما دامت في نطاق نقد الأداء بعيدا عن الشخصنة والأجندات المشبوهة التي يلفظها المواطن الأردني، ويثبت على الدوام حرصه على عوامل استقرار وطنه دون وصاية من أي جهة.