jo24_banner
jo24_banner

حكومات النعامة.. سياسة التخدير لم تعد "المفتاح السحري"

إياد الوقفي
جو 24 :
 

تجهد حكومات دول العالم المتقدم إلى تحقيق الرفاه الاجتماعي لمواطنيها، عبر منظومة متكاملة وخطط وبرامج تتخطى العبارات الإنشائية المكرورة التي لا تغني ولا تسمن، وبات الإنصات إليها ضربا من الخيال أو كمن يحرث في البحر.

في الأردن ابتليت البلاد بحكومات غير قادرة على امتلاك أدوات تمكنها من وضع برامج إنتاجية تحد من ضغط الكلف المعيشية على المواطنين الذين تاكلت مداخيلهم، بفعل سياسات حكومية متهالكة، وبات شغلها الشاغل البحث في طرائق كيفية استنزاف ما تبقى في جيوب المواطنين من بقايا عملة، تارة تحت عباءة تسعيرة المحروقات، وأخرى عبر بوابة الغلاء الفاحش الذي باتت جيوب الأردنيين تعجز عن استيعابه أو التعايش معه.

ابتعدنا منذ فترة عن ميدان الكتابة حتى لا ننعت بالعدمية أو من ذوي الأجندات، لأن الحكومات في الأصل تعرف وتحرف وتستخدم عناوين كبيرة لا أثر لها على أرض الواقع، سوى إرهاق الموازنة وتفاقم المديونية والزيادة في معدلات الفقر والبطالة، إلى جانب عديد الأمراض الاجتماعية التي طفت على السطح وبات علاجها يستدعي جراحة سريعة لا تقبل التغاضي عنها.

جباية الأموال نهج دأبت الحكومات على استخدامه منذ سنوات طوال، بعد أن رفعت الراية البيضاء وأعلنت استسلامها من تحت الطاولة في انعاش الوضع الاقتصادي ولجأت حكومة سابقة على سبيل المثال لا الحصر إلى تشجيع المواطنين على استخدام الألواح الشمسية، حتى خرجت الحكومة بفرض رسوم على المستخدمين، ولا أستبعد أن تلجأ هذه الحكومة أو التي تليها إلى فرض شروط على مستخدمي السيارات الكهربائية لكنها بانتظار رواج هذا النوع من المركبات حتى تخرج منها بهبرة كبيرة، والقائمة تطول ابتداءا من تسعير المحروقات وليس انتهاءا بفشل جلب الاستثمارات بسبب السياسات الاقتصادية المنفرة.

سياسة التخدير والتسويف لم تعد تمثل المفتاح السحري الذي يبث الطمأنينة في نفوس العامة، لا سيما بعد أن تشكلت لديهم مناعة قوية نتيجة الفشل الحكومي الذريع في إدارة دفة الشأن الاقتصادي وعديد الملفات، حتى باتت حكومة مجردة الولاية تستقبل ولا تُرسل، تنفذ ما يأتي اليها وترى خير سبيل لها نهج سكّن تسلم، ولعل الاستمرار في استخدام سياسة الباب الموارب واختلاس النظر والغياب التام عن قضايا وطنية مفصلية يكشف مدى عزلها وعجزها وقلة حيلتها.

حان الوقت أن يعاد النظر في ترتيب الأولويات وأن ترفع الحكومة يدها عن جيب المواطن، من خلال ابتكار حلول وتبني سياسات من شأنها إعادة الاقتصاد إلى دورته الطبيعية فيما جل المؤشرات تدل أن لا أمل في المدى المنظور على تحقيق هذا الهدف، إذ لم يعد الأمر في ما يبدو يعني الحكومة لا من قريب أو بعيد ما دامت الأمور "سالكة".

القصة لا يمكن اختزالها برحيل أو بقاء حكومة "النعامة"، فكل واحدة تأتي أسوأ من سابقاتها والأصل أن تعمل الحكومات وفق برنامج زمني واضح معد سلفا، تراقبها سلطة تشريعية وتحاسبها إن قصرت أو أخفقت بعيدا عن تبادل المصالح وشراء الذمم، حتى لا تبقى السلطة التشريعية مجرد واجهة تشرعن قرارات حكومات متعثرة، أنعكست آثارها على مستوى أداء المؤسسات وتراجع الخدمات، في وقت ازدحمت فيه الشعارات دون أي إنجاز يذكر.

السياسة بحورها غويطة وميدانها واسع، الأساس فيها أن تقوم العلاقات على مبدأ تبادل المصالح وللحكومة حرية الحركة في هذا الملعب كيفما تشاء شريطة الحفاظ على سيادة وثوابت الدولة، لكن في ما يخص العبث بالاقتصاد هنا يكمن الخط الأحمر الداكن، إذ لا يحق لأي طرف أن يغامر بقرارات استفزازية تحت وهم شماعة الشعبوية والانحياز لمطالب الشارع.


تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير