العين الحمراء للحكومة!
إياد الوقفي
جو 24 :
تستمر الحكومة في إطلاق الكلام على عواهنه، دون أن نلمس أثرا أو تغييرا على أرض الواقع يثبت صحة وصدقية ما يصدر عنها في ما يخص الشأن المعيشي، إذ قفزت أسعار المواد الأساسية إلى مستويات قياسية غير مسبوقة، في الوقت الذي يتذرع فيه أصحاب مدرسة الرفع باندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.
المفارقة أنه بمجرد أن دقت طبول الحرب بين البلدين، ارتفعت الأسعار بقدرة قادر لدى فئة استهوت ممارسة التضليل والثراء غير المشروع، أقل ما يمكن وصفها بتجار حرب بحجة الزيادة من بلد المنشأ رغم تكدس العديد من السلال الغذائية في مخازنهم، وتقف الحكومة طائعة وقليلة الحيلة أمام تغولهم على المستهلكين.
يبدو أن سطوة رأس المال الذي ينضوي تحت مظلته التجار، أدواته نافذة وأذرعه طويلة وأعلى من صوت الحكومة، إلى حد يُمكّنه من الاستقواء على كل من يقف في طريقه، ولا يتعاطى مع تدابيرها على محمل الجد نتيجة تجارب سابقة لم تفلح فيها السلطة التنفيذية من فرض سيطرتها الرقابية ولم تنجح في كبح جماح جنون الأسعار.
حديث رئيس الوزراء من مأدبا أن الحكومة ستتعامل بالعين الحمراء مع كل من يتلاعب أو يتجاوز على قوت المواطن، نأمل أن يلقى تغذية راجعة لدى الفئة المعنية، لا سيما وأن أداء الحكومة سيكون تحت المجهر وسيرقب المواطن أثره على حركة السوق، ومدى تعاطي التجار مع هذه الإطلالة التي لم تخل من التلويح بمعاقبة المتجاوزين والانتهازيين.
صحيح أن الحرب المستعرة هناك طاولت أسعار النفط وعديد المواد الأساسية، لكن المبالغة في ارتفاع الأسعار في أسواقنا المحلية غير مبررة، وبخاصة أن الارتفاع لم يتزامن مع وصول شحنات جديدة بسبب توافرها في المخازن، لكن جشع وشراهة البعض أدى إلى التلاعب وفقدان التوازن في السوق واستغلال حاجة الناس لا سيما ونحن على أبواب الشهر الفضيل.
على الحكومة أن لا تقابل انتهازية بعض التجار بصدر رحب، وأن لا تجامل هذه الفئة على حساب المواطن الذي بات يحصل على قوت عائلته بعسر، إثر الارتفاع المتواصل للأسعار دون أدنى وازع أخلاقي أو وطني يراعي ظروف المواطنين، الذين تآكلت رواتبهم بفعل ضغوطات الحياة اليومية، فحذاري من ردة فعل الأمعاء الخاوية.
إجراءات الحكومة التجميلية لن تنجح في معالجة ما أفسدته سياساتها الاقتصادية طوال سنوات ماضية، ومطلوب من ذراعها التنفيذية "الصناعة والتجارة والتموين" أن تكون أدواتها الرقابية أكثر فاعلية حتى تصبح عين الحكومة الحمراء حقيقة لا يمكن تجاوزها، وتخرج عن نطاق الفقاعات الإعلامية التي لن تترك أثرا على أرض الواقع.
نطمئن السلطة التنفيذية أن مراقبة الأسواق والأسعار يتماشى مع دورها الطبيعي ويقع في نطاق مسؤولياتها تجاه المستهلك ولن يعتبر تدخلا منها في القطاع الخاص أو النيل من فلسفة تحرير السوق أو مخالفة مبادئ الاقتصاد الحر.