2024-05-06 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

بين دهاقنة السياسة وهواتها.. يُصنع الفرق

إياد الوقفي
جو 24 :


تباينت المدارس في التوافق على تعريف محدد للسياسة، إلا أنها تمثل في أبسط معانيها فن تحصين الشعوب والدفاع عن مصالحهم ومكتسباتهم، وعلم سمته الديناميكية يرتكز على المصالح المتبادلة، وغالبا ما تحتاج إلى نفس طويل يتولى زمامها دهاقنة وفرسان يدركون معنى المتغيرات الدولية التي تحكم خط سير الدول وتحدد أولوياتها.

بيد أن السياسة لها أركانها وفرسانها وتستدعي مؤهلات تفرض على من يتولى دفة ادارتها امتلاك مهارات خاصة ورؤى بعيدة المدى تمكنه من إحداث الفرق وتنفيذ ما أنيط به من مسؤوليات بكفاءة عالية، هامش الخطأ فيها يفوق غالبا قدرات بعض الدول وبخاصة تجاه معطيات تشير إلى ظهور مطبات مفاجئة تكون خارج حسابات ممن تسللوا للعمل في الحقل السياسي بحكم العادة، تهيء للدخول في عالم التكهنات والضرب في الودع، يتعذر معها تصويب ما تم العبث به والرجوع في الأمور إلى سابق عهدها.

ما من شك أن المصالح المشتركة هي المِقود والمحرك الأول التي تحكم العلاقات السياسية بين الدول، إن دخل دهاليزها مستجدون في نادي الهواة أفسدوها، وانعكست نتائجها على هيئة كلف يتعذر حملها أو مواجهة تداعياتها، ويدفع أثمانها في نهاية المطاف دول لم تجد فن المناورة السياسية.

من المفيد إعادة التذكير بآلية اختيار النخب التي لا زالت تخضع لمعايير خالية الدسم، تكون أقرب إلى الانتحار السياسي، نظرا لغياب الحكمة والافتقار إلى لاعبين مهرة يجيدون القدرة على مواجهة أي طارئ، مما يستدعي استحضار الفطنة للتعاطي مع الأحداث الدولية والسيناريوهات السياسية المتغيرة، التي لن يقوى عليها إلا من تمرّس في ميادين العمل السياسي وخبرها عن قرب.

عادة ما تلجأ الدول إلى البحث عن تحالفات حقيقية بما يخدم مصالحها شريطة عدم المساس بسيادتها، وهذا يُعرف أكاديميا بسياسة التكتل الذي يتخذ أشكالا عدة في مقدمتها التعاون السياسي والعسكري والتجاري، وبالقدر الذي تنجح فيه الدول في بناء تحالفات استراتيجية بقدر ما يشكل مكامن قوة يمكنها من الوقوف أمام التحديات والتهديدات التي تستهدف وجودها وكينونتها.

دول العالم المتحضر قطعت شوطا كبيرا في مجال العمل السياسي وأنتجت أحزابا سياسية حاكمة، في الوقت الذي لا زالت فيه بعض الدول متهيّبة من الولوج إلى هذا المعترك، الذي يعد اللبنة الأولى في إعداد الكوادر المؤهلة ومدها بمهارات القيادة، بما يضمن المشاركة في الحياة السياسية عبر البوابة الحزبية، التي تمثل الرافعة والدعامة الحقيقية في إثراء المشهد الديمقراطي بما يكفل تداول السلطة.

حتى لا تبقى السياسة نهبا لكل طامع أو انتهازي أو حكرا على فئة معينة، المطلوب عدم الارتياب من ترتيب الأوراق، والبحث في كيفية سبل صناعة طبقة سياسية تجيد التعاطي مع الأحداث المتسارعة، بما يكفل دكّ أوتاد متينة وثورة على جميع التقاليد السائدة، التي أدت إلى تقزيم أدوار دول لا زالت غارقة في وهم المشاركة بصياغة وصنع القرار.


 
تابعو الأردن 24 على google news