jo24_banner
jo24_banner

المشاركة في الحراك السياسي فرض عين أم كفاية؟

د. انيس خصاونة
جو 24 :

نقاش حيوي يدور في أروقة وردهات الدوائر الأمنية والصالونات السياسية حول الحراك الأردني وفيما إذا كان قد خبا صوته وتراجعت وتيرته، وتضاءلت احتمالات استمراره. أسئلة كثيرة تطرح وهي ما زالت برسم الإجابة عن فعالية هذا الحراك الذي سيطر على المشهد السياسي الأردني على مدار العامين المنصرمين، ومدى نجاعة فعالياته في دفع النظام السياسي الى تحقيق الإصلاح. أحد قياديين دائرة المخابرات العامة صرح قبل فترة قصيرة بأن الحراك يلفظ أنفاسه الأخيرة، وأقسم رضي الله عنه وأرضاه أنه سيلبس "المدرقة" إذا بقي حراكي واحد في الشارع بعد عام من الآن. أما الحكومة بقيادة "تشرشل الأردن" فتبدو أنها مطمئنة ومرتاحة نسبيا على الأقل من قلة المسيرات وانخفاض حدة النقد من خلال الكتاب الحراكيين في الصحف الإلكترونية. بعض أعضاء النظام وزملاء رئيس الوزراء يسخرون من الحراكيين ويقول أحدهم أمامي " أين هم الحراكيون هؤلاء؟" .لا يعلم هذا المسؤول وغيره من المنتفعين من بقاء الأوضاع على حالها أن الحراك ليس مهنة تمارس لكسب قوت يومي، وإنما هو نشاط سياسي تعبيري يعكس (طبعا حسب حجمة وسقوفه" رأيا عاما مطالبا بالإصلاح وضاغطا على النظام من أجل التجاوب مع تطلعات الناس). يطول الحديث في أسباب انخفاض وتيرة وفعاليات الحراك، ولكن يمكن القول أن الأحداث الخارجية في مصر وسوريا إضافة الى تدخل الحكومة عبر بعض أجهزتها الأمنية المختصة في افتعال الأزمات والفتن "والخبص "بين مكونات الحراك والإيقاع بينهم، واللعب على وتر الأمن والاستقرار، والتخويف الذي يمارسه المسؤولون من احتمالات الولوج للعنف المماثل لما يحدث على عتبة الأردن الشمالية، ناهيك عن تطبيق قانون المطبوعات والنشر المعادي للحريات، قد أسهم كل ذلك ولو مؤقتا في تراجع حيوية الحراك وفعالياته وتصعيب تسويق المعلومات المتصلة به للمواطنين، الذين لم يعودوا يستطيعون الوصول للمعلومة من خلال المواقع الإلكترونية التي تنقل الحقائق على الارض.
أحد رؤساء الوزراء السابقين الذي أحترمه، مع أنني لا أحترم كثيرا منهم، يسألني مداعبا عن أخبار المشاكس الكبير أنيس الخصاونة، وهذا يعكس من وجهة نظري ان كبار المسؤولين في النظام السياسي الأردني لا ينظرون للمعارضة الأردنية والحراك السياسي بجدية، ويعتقدون أن هذه المعارضة ليست أكثر من مشاكسه وللأسف. لا أعلم هل هي اختلافات في تعريف المصطلحات؟ أم تناقض في المنهجيات؟ أم تباين في المنطلقات؟ تعريف المعارضة والحراك السياسي من قبل الدكتور همام سعيد والشيخ سالم فلاحات والدكتور سفيان التل، والدكتور أنيس الخصاونة والمحامي صالح العرموطي والدكتور اسامة عكنان وسامي شريم، وفلاح اديهم والدكتور محمود الكوفحي وإحسان الفقيه، يصور المعارضة على أنها ممارسة مدنية ديمقراطية سلمية يتيحها ويكفلها الدستور، وهي فطرية من حيث طبيعتها الإنسانية، ومرغوبة اجتماعيا وشعبيا، وواجبة من الناحيتين الأخلاقية والشرعية إذا كانت مصالح الأمة يتم العبث بها وتسرق مقدرات الشعب، ويتم تعيين الرويبضة في مراكز صنع القرار فيها، ويتم ظلم الناس والافتئات على حقوقهم بغير وجه حق. أعتقد أنه في ظل هكذا أوضاع تصبح المعارضة والحراك ليس فرض كفاية إذا قام بها البعض سقطت عن الآخرين، ولكنها تصبح فرض عين وواجب على الجميع، وجهادا من أجل الأمة ورفعتها. المعارضة والحراك أيها المسؤولون ليست مشاكسة ولكنها واجب مقدس، وهي ربما تقترب من درجة أضعف الإيمان في الجهاد. لا تطمئنوا الى أوهامكم فالمعارضة ستستمر والحراك سيتواصل ما دام النظام يتمترس ويتقوقع معتمدا على أزلامه وأدواته وأفكاره القديمة، ويقاوم التغيير ويواصل الالتفاف على مطالب الأردنيين المشروعة وإن غدا لناظره قريب.
(السبيل)

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير