الأمن الناعم والفوضى المدروسة !
لم يكن قرار استخدام الأمن الناعم متعلقا بالتعامل الناعم لأجهزة الأمن مع الحراك الشعبي كما كان البعض يتهيأ له أو يتوهم ،ولو انتهج النظام سلوك العنف والمواجهة مع الحراك الشعبي لما كانت الحال هي الحال ألان التي تشهدها البلاد من استقرار نسبي ، لكن الأمن الناعم الذي خرج علينا به "مدير الأمن العام منذ 3 أعوام تقريبا قد أتاح المجال بكل أسف لتوسع ظواهر البلطجة والعصابات المسلحة وبيع وتعاطي الحشيش والمخدرات على الملأ ،وكانت هناك 7 مناطق غير أمنة كما كان يعلن ارتفعت إلى 30 منطقة والأرقام تتسع لعدد المناطق غير الامنه في الأردن ،وإن كانت سابقا مقتصرة على مناطق شعبية ، فستصل الظواهر إلى مناطق " الأغنياء " وليس هناك منطقة ممنوعة عن أولئك البشر ، وحتى رجال الأمن أنفسهم لم يسلموا من نتائج تلك السياسات الناعمة وخسر الوطن ما خسره من رجال أمن بفعل تلك السياسة الناعمة !
قطعان البلطجية والعصابات ومروجو المخدرات يتخذون من منازل مهجورة وأكشاك معروفه وشوارع خاصة بؤرا لممارسة هواياتهم وتجارتهم وبلطجتهم "وتشليحهم لجيوب الناس عنوة تحت تهديد السلاح وأمام معرفة الأمن وإدراكه ومعرفته لكل أولئك البلطجية وأماكن تواجدهم وإقامتهم ،حتى وصل الحال إلى مناوشات وإطلاق نار وقتل شبان غالبيتهم أبرياء لا حول لهم ولا قوة في كل محافظة وكل حي في البلاد ، ويفاجأ المواطن أن غالبية من يرتكبون تلك الجرائم لا يمضون أياما في السجون قبل أن يخلى سبيلهم رغم اعترافهم وممارستهم لتلك الأعمال بفضل تدخلات نواب واعيان وحتى تعاطف من قبل رجال الأمن أنفسهم !!
الأمن الناعم أتاح لنفس البلطجية في مختلف المدن اختراق الجامعات والاستعراض بأسلحتها الرشاشة وإطلاق النار وإرهاب الطلبة والاعتداء حتى على طلبة وافدين من دول صديقة ، والنتيجة لم يعاقب أحد والموضوع بيد العشائر !! ولا افهم سبب تدخل العشائر او منحها دورا في ضبط أمن مؤسساتنا ! و الأمن الناعم هذا أتاح منذ 3 أعوام سرقة السيارات ومفاوضة أصحابها لدفع بدل استردادها ، ولا أفهم كيف يستطيع سارق السيارة الوصول لصاحبها والاتصال به تلفونيا والتفاوض معه !!
الأمن الناعم جعل الأردن منطقة ضمن أول عشرة مناطق في العالم غير آمنه ، مما يعني تراجع الاستقرار وهروب الاستثمارات وتدمير البلاد ..
الأمن الناعم أتاح المجال لشراء أصوات واستخدام المال السياسي لوصول أصحاب أسبقيات وعتاة مهربين ومجرمين الوصول إلى البرلمان ، وهناك من مارسوا هواياتهم بحمل السلاح وإطلاق النار تحت القبة والاعتداء على زملائهم دون رادع أو قانون.
الأمن الناعم دفع حتى طلبة بل طالبات المدارس لتعاطي الحشيش ووزارة التربية وجهاز الأمن تعلم بتلك التفاصيل ، أو ليس الأمن الناعم وراء ترهل " وفضيحة " امتحانات الثانوية العامه وتهريب الأسئلة وإدخالها للطلبة عبر الأجهزة الخلوية أو مباشرة في القاعات أمام صمت الأجهزة والتربية !
الأمن الناعم افقد البلاد هيبتها وأسقط كل معايير الأمن التي كنا يوما نتباهى بها قبل أن يأتي " المجددون " النواعم بسياستهم تجال التعامل مع البلطجية وأصحاب السوابق ..
الأمن الناعم لم يكن إلا سياسة واسعة " خبيثة " يراد منها تدمير بنية ونفسية مواطنينا ، وإسقاط الدولة وإضعافها وتسليمها للعصابات بعد أن تم بيع مقدراتها وثرواتها وقتل نخبها السياسية ، وحتى يستسلم المواطن لإرادة الحكومات وسياساتها حتى لو وقفت على طوابير " اغتصابها "كما يتداول الناس في سخرية ما وصل إليه حالنا من خضوع وخنوع تجاه تلك السياسات التي أرهقت مواطننا وزادت من أعبائه الاقتصادية وأفقدته أمنه واستقراره ونغصت عيشه !! وإلا لماذا تجري الأمور على ما تجري هذه الأيام ..
الأمن الناعم دفع أكثر الناس حضارة وتعليما من البحث عن شراء سلاح يضعه كلما تنقل من مكان إلى أخر ، فالأمن مفقود وقوى الزعرنة والبلطجة تدير البلاد غير عابئة بأمن او داخلية ..
الحالة تردت منذ 3 أعوام بالتحديد ، وازدادت ترديا أشد بفضل استمرار تلك السياسة ودعمها ، واعتقد أن الكثير من أصحاب المصالح والشركات والمطاعم وغيرها يلجأون لأولئك الناس لحماية مصالحهم وحفظ أرواحهم من عصابات أخرى بعيدا عن مؤسسات الدولة التي لا يعنيها على ما يبدو ما وصل إليه الحال معهم .
الأمن الناعم وجد كي تنفذ من خلاله سياسات وبرامج على صعيد سياسي واجتماعي وديموغرافي ، وها هو يمنح الآلاف من العرب جنسيات وهويات وحقوقا سياسية وخاصة لأبناء الشعب الفلسطيني كي يفقدوا حقوقهم في العودة وتتضح هنا معالم المؤامرة لإيجاد وطن بديل تطوى من خلاله مسألة حق العودة للاجئين تحت مسميات إنسانية .
الأمن الناعم أصاب البلاد بالهزائم الاجتماعية والاقتصادية والأمنية ..
الأمن الناعم مؤامرة حيكت ولازالت معالمها واضحة ، وما يجري في مناطق " الفقراء " سواء أكانت احياء شعبية أو مخيمات إلا شاهد على تلك البرامج التي يراد منها تفتيت المجتمع وإثارة الفتن والاقتتال بين أبناء الوطن بعضهم ببعض كي تمر تلك المؤامرات ،وما جرى في حي الطفايلة منذ شهور والأحداث الأخيرة التي جرت إلا شاهداعلى تلك المؤامرات وخاصة ما صاحب مقتل احد شبابنا مؤخرا وما رافقها من تحقيقات ومتابعات ومن تجاوزات وأخطاء لا يمكن اعتبارها خطأ في الاجتهاد من قبل رجال الأمن وخاصة منهم الكبار !!
أقول بصراحة ، الأمن اليوم ليس الأمن بالأمس ، وجهاز الأمن ليس هو الذي خبرناه منذ سنوات مضت حيث كان للأمن ورجل الأمن هيبته وقوته وحضوره واحترام الناس له رغم مضاعفة أعداد رجال الأمن وتنوع مهامهم وقواتهم ،لكن ما جرى منذ سنوات قليلة من تفكيك مؤسساتنا الوطنية والترهل الذي أصاب غالبية مؤسساتنا لم تسلم منه حتى تلك الأجهزة التي بات الناس يتحدثون عن ترهلها بما سبب القلق للجميع وحتى منها دول الجوار التي لم تعد تأمن على أبنائها الدارسين والوفود السياحية من الزيارة او الدراسة هنا .
والحمد لله على "أمننا الناعم " الذي نعيش..