رشوة اللاجئين للتنازل عن حق العودة
بدأت خطوات تصفية القضية الفلسطينية تأخذ أشكالاً جديدة أكثر تعقيداً فبعد إقصائها كقضية قومية عربية, يجب على الجميع المشاركة في تسويتها, وبعد تهميشها سياسياً ودولياً نظراً للمتغيرات والتطورات الدولية المتسارعة, جاء الدور اليوم على فن التفتيت لتفاصيلها, حيث تجري محاولات التصفية لقضايا الحل النهائي من خلال نسج خيوط كثيرة ومعقدة بهدف الابتعاد عن الثوابت والمواقف التي لا ينبغي التنازل عنها, فقضية اللاجئين على سبيل المثال تبدو المثال الصارخ الأن على محاولات تصفية القضية الفلسطينية عبر طرح أربعة حلول غير قابلة للتنفيذ وتضع اللاجئين في نفق المجهول بشكلٍ أكبر مما هم عليه الأن ناهيك عن الطابع المادي والاغرائي الذي يغلف هذه الحلول والذي يمكن أن يسمى رشوة اللاجئين.
إذا ما اردنا استعراض الحلول الاربعة نجد أن الحل الاول والذي يضع اللاجئين أمام فرصة الذهاب للولايات المتحدة او كندا او غيرها من دول العالم شريطة موافقة الاطراف المعنية. هنا السؤال المطروح إذا افترضنا بأن هناك قبول لذلك من جانب اللاجئين فكيف ستتعامل الدول المُضيفة معهم أم أن الحال سيكون لجوءا بعد اللجوء ولكن بظروف أفضل؟.
الحل الثاني والذي ينص على البقاء في الدول المضيفة لهم حالياً والحصول على تعوضيات مادية والتساؤل هنا ماذا عن مستقبل العلاقة بين اللاجئين والدول المُضيفة وما هي صيغ الاتفاق المتاحة لتصويب هذه العلاقة بحيث تكون صيغة هذا المقترح مقبولة لدى الطرفين ( اللاجئين , والدول المُضيفة لهم).
حتى الأن تبدو تعقيدات ما بعد المقترحات أكبر من تعقيدات العودة للاجئين إلى ديارهم التي هُجّروا منها في الاراضي الفلسطينية.
الحل الثالث وهو الذهاب للدولة الفلسطينية المستقبلية وهو حل مربوط بقضايا أخرى لا يمكن الحديث عنها فهي غير موجودة والدولة الفلسطينية لا يُعرف شكل خارطتها وما إذا كانت مواردها وامكاناتها قابلة لإستقبال اعداد اللاجئين أم لا.
اما المقترح الرابع والأخير وهو العودة ولكن بشروط وإقامات بالتالي لم يعد أسمها عودة بل العيش بإقامات او كضيوف يخضعون للاشتراطات الإسرائيلية والتي قد تغير يوماً ما وتجبر من قبل بهذا المقرح على الخروج ولكن هذه المرة دون المطالبة بعودة حيث ان حق العودة سيصبح ضرباً من تراث الماضي في تلك اللحظة.
إذن هناك جهود حثيثة لتحويل ملفات الحل النهائي إلى اجزاء من أجل خلق المزيد من التشردم الذي يُضعف القضية الفلسطينية, بالتالي فيجب على المفاوض الفلسطيني ان يتمسك بحق العودة بشكلٍ كامل ليس من خلال التذرع بالقول أن قضية اللاجئين والعودة هي قضية تخص اللاجئين فهذا النوع من التصريحات هو الذي انتج مثل هذه المقترحات التي تخاطب اللاجئين مباشرة, ان حل القضية الفلسطينية يجب ان لا يكون بالمفرق او الجملة بل على اسس وثوابت لا تقبل التجزئة والالتفاف خاصةً وأن تجارب الماضي مريرة في هذا الصدد وهامش التحايل على الحقوق الفلسطينية يصبح أكبر في ظل ما يُطرح من مقترحات تُدخل اللاجئين في انفاق أكثر ظلاماً.