وزارة الثقافة ..العجز فكري وليس مالي !!
الرؤية والاهداف التي تعلنها وزارة الثقافة بقيت ومنذ عقود خطابا اعلاميا لم يترجم الى واقع وفعل وسلوك محسوس ، فالرؤية التي تتبناها الوزارة حول بناء ثقافة وطنية ذات بعد إنساني تجسد قيـم المعرفة والحرية والحب والفضيلة والجمال و منفتحة ، ترقى بالذوق العام وتسهـم في بناء شخصية وطنية منتمية ومتوازنة نطل بها على العالم لم تترجم الى فعل او سلوك ، وبقيت " مانشيت "عريض من منشورات الوزارة ، وبقيت اهداف الوزارة المعلنة ايضا "حبرا على ورق " حيال النهوض بالفعل الثقافي الأردني وإطلاقه في فضاء إبداعي حر، وبناء قدرات المجتمعات المحلية لإدارة الفعـل الثقافي وتوظيفه للتأثير على نوعية حياة الإنسان واحترام التنوع الثقافي وتجسيـد قيم الحوار وتقدير الآخر، ولو وجهنا سؤال الى وزير الثقافة حول محاور العمل ومدى تنفيذها والمتعلق منها بالرؤية الشاملة للكيان الثقافي الأردني ودوره في المجتمع
وماهي السياسات النابعة من هذه الرؤية والتي تحول الإطار الفلسفي إلي خطط تفصيلية، وكذلك بيان الخطط التنفيذية التي تمثل الترجمة العملية للسياسة النظرية لما وجدت اجابة هنا ،لأن تنمية الثقافة باتجاه أن تكون قاطرة تنمية مسألة لا يعرفها الوزراء بدليل قدرتهم الواضحة على " إبقاء الحال على ما هو عليه " دون تميز هنا او هناك ،ولم تتحرك الوزارة بكوادرها حتى في مسايرة التطورات والتفاعلات السياسية والاجتماعية والاقتصاية التي نمت بفعل التطورات التكنولوجية والاقتصادية زوتأثيراتها على فكر وثقافة ونمو الانسان وما يواجهه العالم من تطرف وتغيير على مستويات اقليمية وعالمية وتأثيراتها على المواطن والشباب منهم خاصة .
الأهم من هذا كله لنسأل الوزيرة مباشرة إن كانت تملك إجابة لسؤال حول المشروع الثقافي الوطني الاردني ودور المؤسسات والوزارات ومنظمات المجتمع المدني ذات العلاقة بصياغته والتعاون لتحقيقه وما يتعلق بتطويره تبعا للتطورات الجارية في العالم ؟ وماذا حققت الوزارة على صعيد الخطة الاستراتيجية لقطاع الثقافة والتراث !!
أسوق هذه المقدمة لما قرأت من تصريح لوزيرة الثقافة الدكتورة لانا مامكغ حول تراجع اداء الوزارة وقلة حيلتها في الانتاج لاسباب تتعلق بضعف الدعم المالي المقدم من الحكومة للوزارة والذي لا يغطي كما تقول ادارة سوبر ماركت ! وكان قبلها وزراء ثقافة عللوا ا اسباب ضعف اداء الوزارة وضعف انتاجها لنفس السبب وهو قلة الدعم المالي .
قد يكون الدعم المالي عاملا من عوامل تراجع الانتاج الثقافي ، وقد تكون سياسة النظام نفسه قائمة على بتكديس مشاريع الثقافة دون تفعيلها ، لكن المطلوب من الوزارة رعاية وليس انتاج العمل الثقافي وكذلك في رعاية وحماية وترشيد ودعم وتشجيع وتوجيه وتنظيم العمل الثقافي ، كما هي مسؤوليتها في حماية حرية الإبداع وحماية التنوع الثقافي والتعددية ، وكان مطلوب من الوزارة ان تفعل على ربط برامج ومنتج الثقافة إن كان هناك خطط وبرامج لمشروع ثقافي أصلا بمنظمات ومؤسسات خاصة او دولية تساهم كثيرا في دعم الاعمال والمنتج الثقافي بصورة كبيرة ، فسياسة التشبيك والربط مع منظمات ثقافية دولية او محلية او اقليمية يعزز من اداء الوزارة ويمنحها الدعم والاسناد في تنفيذ مشاريعها ، لكن المشكلة لا تكمن في الدعم المالي فقط بل في ضعف التواصل والعمل مع تلك المؤسسات وخاصة منها الدولية ، فراح وزراء الثقافة "يلطمون الخدود " جراء قلة الدعم ، فيما يمكنهم تغطية وانتاج مشروع ثقافي كبير يعود بالنفع على الوطن والشباب وتحقيق الاهداف " المكتوبة " لوزارة الثقافة والتي لم يتحقق منها شيء على مدار عقود .
وزارة الثقافة هي وزارة " مرنة " تستطيع من خلالها النفاذ والوصول الى اقصى نقطة في العالم مؤسسات ودول ومنظمات وتتفاعل معها في كافة الجوانب التي تريد تحقيقها بعيدا عن اللطم والتباكي على موازنة الدولة وقلة امكاناتها ...