jo24_banner
jo24_banner

استقرار الأردن السياسي مرهون بعدالة قانون الانتخابات

د. انيس خصاونة
جو 24 :

يشكل قانون الانتخابات النيابية بتفاصيله المختلفة الشغل الشاغل لمعظم الأردنيين خصوصا بعد إقرار مجلسي النواب والأعيان للقانون ومصادقة الملك عليه ولكن بعد إعادة التوجيه بتعديله في الدورة الاستثنائية. إن إعادة توجيه الملك بدراسة وتعديل القانون قبل أن يأخذ حيز التطبيق يبدوا أنه محدود وموجة بشكل أساسي إلى توسيع القائمة الوطنية وليس هناك أي انزعاج أو إشارة من الملك إلى تعديل الجانب الجدلي الخلافي والمحوري في القانون وهو الجانب المتعلق بالصوت الواحد في الدائرة الانتخابية .


القانون المقر حاليا سيبقى في حالة اقتصار التعديل للقائمة الوطنية فقط ودون تعديل الصوت الواحد في الدائرة الانتخابية سيبقى الأمور على حالها ولن يغير في تركيبة مجلس النواب كثير وسيحقق أهدافه الخفية في إبعاد أي إمكانية لوصول أية أحزاب أو كتل سياسية حقيقية إلى مجلس النواب وبالذات سيحرم جبهة العمل الإسلامي من التمثيل بوزنها وثقلها الحقيقي الذي تحظى به في المجتمع الأردني . التفافات كثيرة ومراوغة واضحة سواء من جانب الحكومة أو من جانب معظم النواب الذين صوتوا لصالح القانون الحالي للحيلولة دون وجود أكثر من صوت واحد للناخب في الدائرة الانتخابية طبعا والهدف هو الهلع من وصول نسبة كبيرة من الإخوان المسلمين إلى قبة البرلمان كما أن ذلك يضمن مقاعد مستقبلية لبعض نواب التزوير الذين جاءوا إلى مجلس النواب نتيجة قانون الصوت الواحد.


فرصة ذهبية للملك بأن يوجه بتعديل القانون بحدود أبعد من تعديل القائمة الوطنية لتصبح (25) أو (30) نائبا فهذا التعديل لن يجعل تركيبة مجلس النواب ممثلة لأطياف المجتمع الأردني وسيدفع بإفرازات لا تختلف عن سابقاتها من مخرجات الصوت الواحد وذلك بجعل المجلس مجموعة من الأشخاص الممثلين لعشائرهم ومناطقهم أكثر من تمثيل فكر سياسي وبرامج للعمل السياسي والاقتصادي. الأهم من ذلك فإن هذا القانون سيعمل على إقصاء أطراف وكتل سياسية بعينها وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين وغيرهم وبالتالي يبقى الأردن محتقنا سياسيا وستبقى مشاعر الحرمان والمراوغة والتحايل على الإصلاح تحوم فوقنا جميعنا.


استقرار الأردن السياسي على المحك الآن وهذا الاستقرار لن يتحقق بإجراءات استرضائية خجولة وتعديلات تجميلية لا تتناول الفقرات الرئيسية في قانون الانتخابات وبالتحديد تلك المتصلة بعدد الأصوات المتاحة للناخب في الدائرة الانتخابية. لن يهدأ الأردنيين ولن يتوقف حراكهم ومسيراتهم واحتجاجاتهم إذا استمر إحساسهم بالظلم والمناورة والتردد في الإصلاح وعدم الجدية في توجهات النظام، وتواطؤ الحكومة ورغبتها في الاستمرار في الوضع الراهن والتمسك بقانون الصوت أو "الظلم الواحد" والذي يهدف إلى الخروج بمجلس نواب لين هين "ومقدور عليه" يتلقى توجيهاته من الديوان الملكي أو من دائرة المخابرات العامة.


تصريحات الملك المتعددة تشير بأن لا عودة عن الإصلاح السياسي كما تؤكد على نزاهة الانتخابات المقبلة ونحن نقول بأن قطاعات واسعة من الأردنيين لن تشارك في الانتخابات إذا استمر قانون الصوت الواحد السيئ الذكر، كما أن المواطنين يتوقعون أن يكف النظام السياسي عن التدخل في شكل قانون الانتخابات إذ لم يعد ينطلي على أحد أن رئيس الوزراء قدس الله سره يمكنه أن يتخذ هكذا وضع مؤيد لنظام الصوت الواحد دون تنسيق مع الملك ومستشاريه ورئيس دائرة المخابرات.


المستغرب أن الملك كما تدل تصريحاته وخطاباته المتعددة يبدي رغبة في إصلاح سياسي في الأردن كما أكد على أن الإصلاح السياسي سيقود إلى حكومات برلمانية ولكن ما يحدث على الأرض يضع شكوكا كثيرة على إمكانية وجدية تحقيق ذلك فكيف سيكون هناك حكومة برلمانية إذا كان قانون الانتخابات سيفرز ممثلين قبليين وعشائريين ومناطقيين أكثر من ممثلي برامج سياسية تتعامل مع مشكلات الفقر والبطالة والمديونية والعجز في الموازنة والفساد ونهب ثروات الوطن؟ أما السؤال الأكثر أهمية فهو ما الذي يضير الملك والنظام السياسي بمجمله من أن يكون متاحا للناخب أن يصوت بعدد المقاعد المخصصة لدائرته الانتخابية وهل هذا يشكل خطرا على النظام؟ هل يريد النظام السياسي ديمقراطية بدون إخوان مسلمين أو جبهة الإصلاح أو غيرهم من أحزاب المعارضة!


الإخوان المسلمين في مصر تم قمعهم لأكثر من ستون عاما وتم التنكيل بهم وبعائلاتهم وسجنهم وحرمانهم من حقوقهم حتى في المواطنة الكريمة وها نحن نرى كيف ارتفعت رايتهم وتم تنصيبهم في أعلى السلم القيادي في الدولة مترأسين على من سبق واعتقل رئيس الدولة المنتخب أكثر من مرة .النظام السياسي الأردني واستقراره مرهون أولا بتعديل قانون الانتخابات وتحديدا إزالة الفقرات المتعلقة بقانون الصوت الواحد ومن ثم إجراء الانتخابات نزيهة دون تدخل من القوى الأمنية. مأمول من الملك أن يدرك بأن الأردنيون قد كسروا حاجز الخوف وأنهم تواقون للحرية مثلهم مثل باقي الشعوب والأمم الأخرى وأنهم ليسوا قاصرين أو غير مهيئين للديمقراطية وممارستها .

نعم الملك مدعوا لأن يستمع لأصوات واستشارات ونصائح وروايات من أناس وشخوص وأطراف غير تلك التي استمر في الإستماع إليها لسنوات عديدة حيث أوصلتنا لما أوصلتنا إليه وهرب من هرب من هؤلاء الناصحون أو تقوقعوا متنعمين بما أفاء عليهم النظام من نعم المال والجاه والسلطة في حين أن الشعب يكتوي الآن بنتائج برامجهم ونصائحهم وسرقاتهم .

نعم استقرار الأردن على المحك وجوهر هذا الاستقرار يعتمد ليس على القوى الأمنية بقدر ما يعتمد على قانون الانتخابات ونزاهة تنفيذها فهل ينصت الملك لصوت الشعب وينتصر على مخاوف بطانته ومستشاريه ممن أوهموا النظام بأن المعارضة السياسية وعلى رأسها وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين وجبهة الإصلاح وغيرها هي الخطر الأكبر على استقرار الأردن ونظامه السياسي؟

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير