خيارات الحكومة لمواجهة العجز
حزمة الاجراءات الحكومية المتعلقة بتخفيف الدعم عن المحروقات والكهرباء وفرض رسوم جديدة على بعض السلع الكمالية سيرفد الخزينة بما يزيد عن 300 مليون دينار، واذا ما اضفنا ترشيد الانفاق في بعض بنود الموازنة فان الرقم الاجمالي سيناهز ال600 مليون دينار، علما ان العجز المالي سيقترب من حاجز الثلاثة مليار دينار مع نهاية العام الجاري، فماذا ستفعل الحكومة لكي تسد هذا العجز؟.
ليس امام الحكومة سوى ثلاثة خيارات في هذا الامر:
الاول متعلق بالمساعدات الخارجية، والحقيقة انه في السنوات الاخيرة انقذت المساعدات خاصة المنح السعودية خزينة الدولة من ازمات كبيرة، والكل ينتظر تدفق المنح التي تاخرت والتي من المرجح ان تاتي في الشهور الاخيرة من العام الجاري، لكن التفاؤل في هذا الموضوع يجب ان يشوبه حذر شديد، لان العجز كبير، ولا يتوقع ان تغطي المنح القادمة اكثر من نصفه تقريبا، فالمساعدات المقدرة في الموازنة والاستثنائية التي يتحدث بها البعض في الكواليس لن تزيد عن 1،5 مليار دينار.
الثاني مرتبط بالاقتراض الداخلي، وهذه قضية اقتصادية كبرى بدات منذ عامين تلقي بظلال قاتمة على عملية التنمية بسبب مزاحمة الحكومة القطاع الخاص على السيولة المحدودة لدى البنوك، وقد اقتربت المديونية الداخلية حاجز العشرة مليار دينار، وهو السقف الاعلى في تاريخ الدين الداخلي.
الواضح ان استمرار عملية الاقتراض الداخلي بدات تصل الى مراحلها النهائية خاصة مع إحجام عدد من البنوك الرئيسية عن المشاركة بالسندات الحكومية مثلما حدث قبل اشهر قليلة فيما يتعلق بسندات ال50 مليون دينار الخاصة بالكهرباء.
اما الامر الثالث فهو اللجوء للاقتراض الخارجي، وهو موضوع له جوانب سلبية وايجابية، لكن المهم ايضا ان الحكومة وصلت لسقوفها العليا في الاستدانة من المانحين، اما المؤسسات الدولية فالباب مازال مفتوحا لكن بشروط صعبة للغاية.
هنا تتطلع الحكومة للحصول على قرض يناهز ال1،4 مليار دولار من صندوق النقد الدولي الذي تزور بعثته المملكة الاسبوع المقبل، وهذا المبلغ يتجاوز بقليل حجم التسهيلات التي حصل عليها الاردن من الصندوق طيلة 14 عاما بواسطة برامج التصحيح الاقتصادي.
من الواضح ان الخيارات امام الحكومة لسد العجز صعبة للغاية، والخطورة تكمن في ان المديونية مرشحة للارتفاع بما يزيد عن الملياري دينار مع الاشهر القليلة المقبلة، فسداد العجز من القروض يعني ببساطة زيادة في المديونية التي هي اصلا خرقت السقوف القانونية لها.
المشهد السابق في الموازنة وحكاية العجز والمساعدات يتكرر كل عام تقريبا، والحال لا يتغير، لا بل ان مؤشرات النمو الاقتصادي تسير في اتجاه نزولي حاد بسبب التداعيات الاقليمية والمحلية من جهة، وغياب الادارة الرشيدة للاقتصاد الوطني وفق برنامج اقتصادي شامل يعطي الحكومة عملية الاشراف والمراقبة، في حين يتولى القطاع الخاص ادارة العملية الاقتصادية وفق منهج السوق الحر.
(الرأي)