2024-08-28 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

حديث الملك عن الإصلاح نظري ولا يعكس الوقائع على الأرض

د. انيس خصاونة
جو 24 : تابع الأردنيون أمس تصريحات الملك من على شاشات التلفزيون الأردني والتي تناولت جوانب شتى ذات صلة بالإصلاح السياسي والحراك والمسيرات والوضع الاقتصادي وقانون الانتخابات والهيئة المستقلة والإعلام والفساد وغيرها. والحقيقية أنني فوجئت مثل كثير من المشاهدين بعدم وجود جديد في تصريحات الملك في أي من الموضوعات التي طرقها وتناولها فما هو الجديد في قول الملك في أنه على مسافة واحدة من جميع الأطراف السياسية أو أنه مع الإصلاح أو أنه يدعم مكافحة الفساد أو أنه يسعى لدعم المشاركة السياسية وسيادة القانون ؟

تصريحات الملك هي ذاتها قيلت في مناسبات سابقة وهي تصلح ربما بعد عام أو عامين إن لم يكن بعد عشرة أعوام تماما مثلما كانت صالحة قبل عامين أو ثلاثة. تصريحات الملك إذن صالحة لكل زمان ومكان لأنها نظرية ومكرره وهدفها إعلامي يحت ولا تعكس واقع الحال وما يجري على الأرض. "سيادة القانون وتطبيقه على الجميع" كلام جميل ولكنه لا يعكس الواقع فهل طبق القانون على السيد وليد الكردي الذي هرب ليقيم في لندن بعد أن دمر إحدى مؤسساتنا الوطنية وأضر بمقدرات وحقوق مساهمين شركة الفوسفات الأردنية؟ مجلس النواب برئ السيد الكردي فهل هذا هو حكم القانون ؟وهل تصرف النواب بمحض إرادتهم أرجو أن يستمع الملك للندوات الحوارية للنواب وقادة الرأي في المجتمع من على شاشات السفن ستار وجوسات وغيرها ليعلم كيف يتم التأثير على إرادة الشعب المزورة أصلا من قبل الهيئات الرسمية؟ هل طبق القانون على السيد معروف البخيت في قضية الكازينو؟وهل عدم إدانة السيد باسم عوض الله وسهل المجالي وغيرهم جاءت نتيجة عدم وجود قرائن وأدلة أم نتيجة تأثير سياسي وتدخل في إرادة النواب؟ وهل كان التراجع عن مشروع قانون الانتخابات الذي تقدمت به الحكومة السابقة والذي أتاح للناخب أكثر من صوت في الدائرة الانتخابية الواحدة هل كان هذا التراجع خالي من تدخل الديوان الملكي أو الأجهزة الأمنية؟ولماذا لم يكن القيادة السياسية العليا والبطانة التي تحيط بها متحمسين لتشريع قانون من أين لك هذا؟

نعم لم تأت تصريحات الملك بجديد وهي مألوفة وجميلة لسامعها وقارئيها من خارج الأردن ولكنها لا تمثل الواقع ولا تعكس مجريات الأحداث على الأرض. لقد تخيلت بأن الملك يتحدث عن الإصلاح وسيادة القانون في دولة أخرى غير الأردن. لا أعرف إذا كان الملك مطلع على وضع البلد ومعوقات الإصلاح وأسباب بطئه ودور الأجهزة الحكومية ابتداءا من الديوان الملكي ورئاسة الحكومة والمخابرات العامة في عرقلة الإصلاح السياسي في المملكة.هل يسمع الملك ما يقال في المسيرات الليلية في إربد والكرك ومعان والطفيله؟هل يسمع الملك عن تساؤلات وحيرة المواطنين بالتغطية والتستر على شبهات الفساد المتصلة بغاز الريشة والإحالة على شركة BP ؟وهل يعرف الملك أن سفيرتنا في فرنسا والتي تحمل الجنسية الفرنسية ومتزوجة من فرنسي تمارس عملها كسفيرة في نفس البلد لمدة غير مسبوقة (12) عاما دون حصانة دبلوماسية علما بأنها كانت موظفة صغيرة تعمل في الطابق الأرضي في السفارة ليأتي من يعينها سفيرة لبلادها فقط للخدمات التي تؤديها في ترتيب سفرات ومشتريات بعض أعضاء العائلة المالكة من باريس؟هل يعلم الملك وهو الذي يصدر إرادته بتعيين رؤساء الجامعات بأن تعيين هذه الفئة من القيادات الأكاديمية أصبحت "ألعوبة" ومزاجية أو حسب كلام رئيس الوزراء "هذول بيعجبوني وهيك بدي "أي سيادة قانون وأي مساواة وأي عدالة يتحدث عنها الملك ونحن نرى المتهمين بالسرقة والذين استقالوا من مؤسساتهم عند مواجهتهم بشبهة السرقة يعينون وزراء في حكومة الطراونة ؟هل توقف الملك عند تعيينات رئيس الوزراء الأخيرة ليمعن النظر في سوية بعض الأشخاص الذين لا يمكن الوثوق بهم في قيادة أنفسهم ليقودوا مؤسسات كوادرها بالآلاف؟

الوضع محزن يا جلالة الملك لأنه هو هكذا وليس لأن الناس تريد أن ترى النصف الفارغ من الكأس.الناس تعايش همومها وتجاهد لتأمين خبزها وقوت يومها ورسوم مدارس وجامعات أبنائها فهل هذه الأمور هي تشاؤم أم حقائق على الأرض؟ الإعلام الرسمي بوق للحكومة حيث تجد مقدموا البرامج الحوارية مرتبكون ومرتجفون خوفا من كلمة من هنا أو هناك تنحرف عن الخط العام فأي إعلام حيادي هذا الذي ندفع في كل شهر له من مالنا لنغطي كلفه ولا يتاح للمعارضة أن تعبر عن نفسها من خلاله؟ الأردن الذي تحدث عنه الملك ذلك الكلام الرائع والذي أعطى عنه تلك الصورة الإيجابية المشرقة ليس الأردن الذي نعرفه ونعايشه ونراه في الأسواق والمدارس والجامعات والأجهزة الحكومية.

المأمول من الملك أن يطلب المعلومات الحقيقة عن البلد وليس المعلومات الأمنية التي يستقيها من المحافظين ومن أجهزة المخابرات والأجهزة الأمنية الأخرى.المأمول من الملك أن يرى الأردن كما يراه مواطنيه بفقرائه الذين يصلون إلى ما مجموعه (85%) من المجتمع والذين يمتلكون أقل من (15%) من ثروة المجتمع.المأمول من القيادة أن تزيل كل المعيقات التي تتيح للمواطنين التعبير عن حرياتهم وانتخاب ممثليهم وفق قانون حقيقي وليس قانون الصوت الواحد الذي يشوه الديمقراطية ويعيق وصول أطراف وتكتلات سياسية بعينها إلى مجلس النواب.الأردن بخطر فالاحتقان يتزايد والسخط يتعاظم وها هي بعض مؤشرات العصيان المدني وإغلاق الطرقات والشوارع تنتقل من أطراف المملكة إلى بعض مدنها وحواضرها فأي كأس ملآن نتحدث عنه .الأردن على مفترق طرق وينبغي أن نعترف بذلك ونعمل على التعامل مع المشكلات الحقيقية التي تواجهنا والذي يأتي في مقدمتها مقاومة النظام السياسي نفسه لعملية الإصلاح السياسي كما أن هناك شكوك تساور بعض الأردنيين في مدى جدية النظام في مكافحة الفساد في الأردن ومدى رغبة هذا النظام في مسائلة كل من سولت له نفسه في نهب وهدر مقدرات الدولة.
تابعو الأردن 24 على google news