من المستفيد من قرار الشطب ؟
سلامة الدرعاوي
جو 24 : قرار الشطب الاخير للسيارات التي يزيد عمرها عن خمس سنوات أثار بلبلة لدى المواطنين والتجار في آن واحد ، فلم يعد أحد بقادر على إدخال أي مركبة للسوق المحلية يزيد عمرها عن خمس سنوات.
مقابلة الزميل محمد الدويري مع مدير الجمارك غالب الصرايرة والمنشورة في عدد الرأي يوم الخميس الماضي، طرحت عدة تساؤلات حول إيجابية وسلبية القرار الذي فاجأ السوق في توقيته من جهة، وأسباب عزوف الحكومات السابقة عن اتخاذه من جهة أخرى .
فمن ناحية تَعتبر الحكومة أن القرار خطوة مهمة في تحديث أسطول المركبات العاملة في البلد، ويساهم في توفير كلف الصيانة لأنها حديثة، ويوفر في الطاقة، لأن القرار يركز على استيراد السيارات الحديثة من جهة، ويشجع على استبدال المركبة التي يزيد عمرها عن عشر سنوات بسيارة هجينة (هايبرد)، على أن لا يزيد سعة محركها عن 2500 سي سي، إضافة الى أنها تساهم في تقليل حوادث السير.
لكن هناك رأي آخر يخالف المبررات الحكومية كليا، فالقرار يدمر نشاط مئات التجار ومكاتب السيارات المستعملة سواء في الحرة أم العاملة في الداخل، فكما للسيارات الحديثة زبائنها من المقتدرين، فان للسيارات المستعملة زبائنها من أبناء الطبقة الوسطى الذين لايستطيعون شراء المركبات الجديدة.
كما أن الحكومة بهذا القرار تميل مع مصالح عدد محدود من وكلاء السيارات، في حين تدير ظهرها لتجار السيارات المستعملة، فعملية الاستيراد باتت محصورة بالوكلاء تقريبا، رغم أنه لا يوجد ما يمنع التجار من استيراد السيارات الحديثة، لكن المانع الوحيد هو القدرة المالية المتفاوتة بين التجار والوكلاء، ناهيك عن أن الزبون الذي يرغب بشراء سيارة حديثة لن يذهب الى محل تاجر سيارات في حين أن الوكلاء موجودون ويقدمون العروض والتسهيلات والكفالات المختلفة.
لكن الأكثر سلبية في القرار هو أن أغلبية مواطني الدولة وهم من الفئات الفقيرة والمتوسطة غير قادرين لا على شطب سياراتهم القديمة باخرى جديدة (هايبرد) ، ولا يملكون القدرة على شراء السيارات الجديدة، وقد سنحت لهم فرصة في السنوات الماضية بتملك مركبات من موديلات مختلفة وباسعار معقولة الى حد ما، رغم أن معظم تمويلها كان جراء تسهيلات بنكية وبعض شركات التاجير التمويلي والتي جميعها الآن مهددة بتراجع أنشطتها بسبب ذلك القرار، والكل يعلم أن أبناء الطبقتين السابقتين هما الأكثر تضررا من سياسات التقشف وشد الأحزمة التي تمارسها الحكومات، علما أن مستوى أجورهم ما زال ينمو نمو السلحفاة في حين أن ارتفاع الأسعار للسلع والخدمات امتصت أية زيادة على دخولهم الشهرية لا بل أثرت سلبا على أمنهم المعيشي، خاصة في هذه الأيام الراهنة .
أما القول إن السيارات الحديثة هي أقل ضررا وتحافظ على السلامة المرورية أكثر من القديمة، فهذا كلام نظري صحيح، الا أن الواقع يقول إن السائق الأرعن ليس بحاجة الى مركبة قديمة أو حديثة لكي يرتكب حادثاً، فالسائق بحاجة الى أخلاق مرورية أكثر من سيارة لا يزيد عمرها عن خمس سنوات.
أخيراً أريد أن أذكر القراء أن الحكومة في عام 2005 قررت تخفيض الرسوم الجمركية على السيارات ذات المحركات الكبيرة، رغم أن المنطق كان يقضي بتخفيض الجمارك على السيارات الصغيرة لكي تساعد أبناء الطبقة الوسطى باقتناء سيارة، حينها كان مبرر الحكومة في ذلك الوقت أن اتفاقية التجارة الحرة العالمية تقتضي إزالة أية عوائق جمركية على السيارات المستوردة، إلا أننا تفاجأنا بعد صدور القرار ان الحكومة الأميركية جمدت صرف منحة مالية للاردن واشترطت صرفها بتخفيض الجمارك على السيارات ذات المحركات الكبيرة وهي أصلا السيارات الامريكية، هذا كان بالخفاء، فهل هناك شيء في الكواليس يدور وراء قرار الشطب الاخير!.
Salamah.darawi@gmail.com
(الرأي)
مقابلة الزميل محمد الدويري مع مدير الجمارك غالب الصرايرة والمنشورة في عدد الرأي يوم الخميس الماضي، طرحت عدة تساؤلات حول إيجابية وسلبية القرار الذي فاجأ السوق في توقيته من جهة، وأسباب عزوف الحكومات السابقة عن اتخاذه من جهة أخرى .
فمن ناحية تَعتبر الحكومة أن القرار خطوة مهمة في تحديث أسطول المركبات العاملة في البلد، ويساهم في توفير كلف الصيانة لأنها حديثة، ويوفر في الطاقة، لأن القرار يركز على استيراد السيارات الحديثة من جهة، ويشجع على استبدال المركبة التي يزيد عمرها عن عشر سنوات بسيارة هجينة (هايبرد)، على أن لا يزيد سعة محركها عن 2500 سي سي، إضافة الى أنها تساهم في تقليل حوادث السير.
لكن هناك رأي آخر يخالف المبررات الحكومية كليا، فالقرار يدمر نشاط مئات التجار ومكاتب السيارات المستعملة سواء في الحرة أم العاملة في الداخل، فكما للسيارات الحديثة زبائنها من المقتدرين، فان للسيارات المستعملة زبائنها من أبناء الطبقة الوسطى الذين لايستطيعون شراء المركبات الجديدة.
كما أن الحكومة بهذا القرار تميل مع مصالح عدد محدود من وكلاء السيارات، في حين تدير ظهرها لتجار السيارات المستعملة، فعملية الاستيراد باتت محصورة بالوكلاء تقريبا، رغم أنه لا يوجد ما يمنع التجار من استيراد السيارات الحديثة، لكن المانع الوحيد هو القدرة المالية المتفاوتة بين التجار والوكلاء، ناهيك عن أن الزبون الذي يرغب بشراء سيارة حديثة لن يذهب الى محل تاجر سيارات في حين أن الوكلاء موجودون ويقدمون العروض والتسهيلات والكفالات المختلفة.
لكن الأكثر سلبية في القرار هو أن أغلبية مواطني الدولة وهم من الفئات الفقيرة والمتوسطة غير قادرين لا على شطب سياراتهم القديمة باخرى جديدة (هايبرد) ، ولا يملكون القدرة على شراء السيارات الجديدة، وقد سنحت لهم فرصة في السنوات الماضية بتملك مركبات من موديلات مختلفة وباسعار معقولة الى حد ما، رغم أن معظم تمويلها كان جراء تسهيلات بنكية وبعض شركات التاجير التمويلي والتي جميعها الآن مهددة بتراجع أنشطتها بسبب ذلك القرار، والكل يعلم أن أبناء الطبقتين السابقتين هما الأكثر تضررا من سياسات التقشف وشد الأحزمة التي تمارسها الحكومات، علما أن مستوى أجورهم ما زال ينمو نمو السلحفاة في حين أن ارتفاع الأسعار للسلع والخدمات امتصت أية زيادة على دخولهم الشهرية لا بل أثرت سلبا على أمنهم المعيشي، خاصة في هذه الأيام الراهنة .
أما القول إن السيارات الحديثة هي أقل ضررا وتحافظ على السلامة المرورية أكثر من القديمة، فهذا كلام نظري صحيح، الا أن الواقع يقول إن السائق الأرعن ليس بحاجة الى مركبة قديمة أو حديثة لكي يرتكب حادثاً، فالسائق بحاجة الى أخلاق مرورية أكثر من سيارة لا يزيد عمرها عن خمس سنوات.
أخيراً أريد أن أذكر القراء أن الحكومة في عام 2005 قررت تخفيض الرسوم الجمركية على السيارات ذات المحركات الكبيرة، رغم أن المنطق كان يقضي بتخفيض الجمارك على السيارات الصغيرة لكي تساعد أبناء الطبقة الوسطى باقتناء سيارة، حينها كان مبرر الحكومة في ذلك الوقت أن اتفاقية التجارة الحرة العالمية تقتضي إزالة أية عوائق جمركية على السيارات المستوردة، إلا أننا تفاجأنا بعد صدور القرار ان الحكومة الأميركية جمدت صرف منحة مالية للاردن واشترطت صرفها بتخفيض الجمارك على السيارات ذات المحركات الكبيرة وهي أصلا السيارات الامريكية، هذا كان بالخفاء، فهل هناك شيء في الكواليس يدور وراء قرار الشطب الاخير!.
Salamah.darawi@gmail.com
(الرأي)