تأجيل الانتخابات ينزع بعض الفتيل

في ظل تنامي الأزمة السياسية في البلد واتساع رقعة مقاطعة الانتخابات المقبلة يبدو «حلا ونزعا لبعض الفتيل» الحديث عن سيناريو جديد يقوم على تأجيل الانتخابات وانتظار لحظة سياسية مختلفة.
الانتخابات المبكرة هي فكرة تبنّاها الملك كانت في نظره حلا للأزمة و»نهاية تاريخ» لمشروع الإصلاح الوطني، لكنها تبدو اليوم مأزقا وطريقا نحو التأزيم، وربما تسبب بانفجار للموقف.
انتخابات مع مقاطعة، هذا يعني إعادة تدوير لنفس المجلس الحالي الذي بات يشكّل عبئا أخلاقيا على المشهد السياسي الوطني.
وعلى مطبخ القرار بناءً عليه، أن يسأل نفسه عن حجم التغيير في منسوب «الصراع والاحتقان» الذي سيكون بعد الانتخابات التي ستحظى بمقاطعة أكيدة واسعة ونوعية.
الإجابة الصحية والموضوعية لهذا السؤال هي بأنّ المشهد سيزداد تأزما واحتقانا، أمّا ما نراه من طمأنينة رئيس الوزراء فايز الطراونة وتصريحاته الاستفزازية عن المقاطعة، فما هي إلاّ دليل على مراهقة عميقة في قراءة التداعيات.
إذاً، الانتخابات القادمة ستكون بمثابة تصعيد غير مبرر إن تم إجراؤها في ظل القانون الحالي وفي سياق من الأجواء الرافضة لمشروع الإصلاح الرسمي الذي يعتبره النظام ممرا إجباريا.
طبعا البعض لا تعجبه فكرة التأجيل من باب أنّ التأجيل يعني الإبقاء على مجلس النواب الحالي الذي لم يعد بوسع الرأي العام قبول استمراره.
الاحتراز صحيح، لكن أيّهما أقل ضررا، استمرار مجلس نواب منهار الشعبية، أم الدخول في دوامة انتخابات مرفوضة قد تؤسس لفشل العملية الإصلاحية برمتها.
هنا يمكن القول أنّ تأجيل الانتخابات يعتبر خطوة جيدة وأولى للبدء في مراجعة كافة مستويات العملية الإصلاحية «دستور وقانون»، والخروج بعدها من المأزق.
ليس دقيقا القول أنّ الجماهير تريد انتخابات مبكرة لمجرد التوقيت دون المضمون، على العكس، الرأي العام يريد خطوات إصلاحية توافقية بين كافة الأطراف تنزع فتيل الأزمة وتؤسس لبداية حل شامل لكل التعقيدات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي نعيشها.
نحن نعيش أزمة اقتصادية خانقة جدا، وهذه الأزمة بدأت تعبيراتها الاجتماعية تنحى نحو الاعتراض العنفي، ومن هنا وجب على صانع القرار بحكم المنطق وتاريخ إدارة الأزمات النزول من على الشجرة وإعطاء الشعب حقه في تحمل المسؤولية.


(السبيل)