هل يعود الصندوق للأردن؟
سلامة الدرعاوي
جو 24 : تتحدث بعض الاوساط شبه الرسمية عن احتمالية عودة صندوق النقد للاردن للبدء ببرنامج تصحيح جديد للاقتصاد الوطني بعد ان تخرج منه سنة 2003.
طبعا هناك اصوات تنادي بعودة الصندوق على اعتبار ان الاردن نجح ماليا في فترة برامج التصحيح، وعندما غادرها بدأت الامور تسوء من جديد.
كلام صحيح لكنه بحاجة الى تمحيص، وهنا اقصد ان يدرس الموضوع من عدة جوانبه لا من جانب واحد وهو البعد المادي، فالاوضاع الاجتماعية وسياسات التقشف ساهمت في زيادة معدلات الفقر والبطالة في مختلف المحافظات.
الاردن بحاجة الى برنامج تصحيح لكن ليس باشراف صندوق النقد، بل برنامج وطني مقر من الجهات الدستورية، والحقيقة ان قوة برامج التصحيح مع الصندوق ليس في مضمونها بقدر التزام الحكومات السابقة بتنفيذ بنودها دون تردد، بمعنى ان الشيء الذي يكون من الخارج تجد من ينفذه حرفيا، والشيء الذي يكون وليد انتاج محلي سرعان ما تتنصل من تنفيذه الحكومات ومجالس النواب على حد سواء، مثل الاجندة وقوانين الموازنة والدين وغيرها.
لكن هل يرغب الصندوق بالعودة للتعامل مع الاردن من خلال البرامج ؟ لاشك ان الامر مختلف كثيرا عن ما كان عليه الاقتصاد الوطني سنة 1989 عند انهيار الدينار، فالحكومة حينها عجزت عن سداد الديون البالغة حينها 8 مليارات دولار تقريبا، مما دفع المانحين حينها للبدء بالحجز على ممتلكات الاردن الخارجية، والكل يتذكر حادثت طائرة الملكية التي حطت في بروكسل وتم الحجز عليها.
الا ان رغبة صندوق النقد بالعودة هذه المرة تختلف ايضا عما كان عليه الاقتصاد الوطني نهاية عقد الثمانينات، فالاردن حينها كان يمتك محفظة اصول وموجودات كبيرة من اراض وميناء واسهم في اكثر من 60 شركة وملكية امتياز في قطاع التعدين، وهذه الاصول تم خصخصتها بالتعاون مع الصندوق من اجل توفير اموال سداد الديون للمانحين بالدرجة الاولى.
الحقيقة ان صندوق النقد لعب دور الكفيل للاردن امام المانحين ضمن برامج التصحيح التي التزم الاردن بتنفيذها لمدة 14 عاما، وهي التي اعادت علاقة الاردن بالمؤسسات المالية العالمية والدول الكبرى.
لم يصل الاردن اليوم الى مستوى عدم سداد الديون، فالحكومة ملتزمة بالسداد، وتدفع سنويا ما يقارب ال800 مليون دولار كاقساط وفوائد من اصل مديونية اقتربت من ال 20 مليار دولار، لكن نمو المؤشرات المالية السلبية من عجز ودين بالارقام المطلقة، ناهيك عن تراجع الايرادات اذا ما استمرت حالة الاضطرابات الاقليمية، فان الامور بحاجة الى وقفة مراجعة شاملة، تركز في اساسها على اعداد برنامج انقاذ للاقتصاد الوطني، وليكن وطنيا بمعنى الكلمة، من خلال اقراره من المؤسسات الدستورية، ويكون عابرا للحكومات والنواب معا، حتى لا يقال اننا في الاردن لا نلتزم سوى بالبرامج الاجنبية.الراي
طبعا هناك اصوات تنادي بعودة الصندوق على اعتبار ان الاردن نجح ماليا في فترة برامج التصحيح، وعندما غادرها بدأت الامور تسوء من جديد.
كلام صحيح لكنه بحاجة الى تمحيص، وهنا اقصد ان يدرس الموضوع من عدة جوانبه لا من جانب واحد وهو البعد المادي، فالاوضاع الاجتماعية وسياسات التقشف ساهمت في زيادة معدلات الفقر والبطالة في مختلف المحافظات.
الاردن بحاجة الى برنامج تصحيح لكن ليس باشراف صندوق النقد، بل برنامج وطني مقر من الجهات الدستورية، والحقيقة ان قوة برامج التصحيح مع الصندوق ليس في مضمونها بقدر التزام الحكومات السابقة بتنفيذ بنودها دون تردد، بمعنى ان الشيء الذي يكون من الخارج تجد من ينفذه حرفيا، والشيء الذي يكون وليد انتاج محلي سرعان ما تتنصل من تنفيذه الحكومات ومجالس النواب على حد سواء، مثل الاجندة وقوانين الموازنة والدين وغيرها.
لكن هل يرغب الصندوق بالعودة للتعامل مع الاردن من خلال البرامج ؟ لاشك ان الامر مختلف كثيرا عن ما كان عليه الاقتصاد الوطني سنة 1989 عند انهيار الدينار، فالحكومة حينها عجزت عن سداد الديون البالغة حينها 8 مليارات دولار تقريبا، مما دفع المانحين حينها للبدء بالحجز على ممتلكات الاردن الخارجية، والكل يتذكر حادثت طائرة الملكية التي حطت في بروكسل وتم الحجز عليها.
الا ان رغبة صندوق النقد بالعودة هذه المرة تختلف ايضا عما كان عليه الاقتصاد الوطني نهاية عقد الثمانينات، فالاردن حينها كان يمتك محفظة اصول وموجودات كبيرة من اراض وميناء واسهم في اكثر من 60 شركة وملكية امتياز في قطاع التعدين، وهذه الاصول تم خصخصتها بالتعاون مع الصندوق من اجل توفير اموال سداد الديون للمانحين بالدرجة الاولى.
الحقيقة ان صندوق النقد لعب دور الكفيل للاردن امام المانحين ضمن برامج التصحيح التي التزم الاردن بتنفيذها لمدة 14 عاما، وهي التي اعادت علاقة الاردن بالمؤسسات المالية العالمية والدول الكبرى.
لم يصل الاردن اليوم الى مستوى عدم سداد الديون، فالحكومة ملتزمة بالسداد، وتدفع سنويا ما يقارب ال800 مليون دولار كاقساط وفوائد من اصل مديونية اقتربت من ال 20 مليار دولار، لكن نمو المؤشرات المالية السلبية من عجز ودين بالارقام المطلقة، ناهيك عن تراجع الايرادات اذا ما استمرت حالة الاضطرابات الاقليمية، فان الامور بحاجة الى وقفة مراجعة شاملة، تركز في اساسها على اعداد برنامج انقاذ للاقتصاد الوطني، وليكن وطنيا بمعنى الكلمة، من خلال اقراره من المؤسسات الدستورية، ويكون عابرا للحكومات والنواب معا، حتى لا يقال اننا في الاردن لا نلتزم سوى بالبرامج الاجنبية.الراي