رجاء.. انسوا الغاز المصري
منذ عامين تقريبا، لا يخلو شهر من اعلان وسائل الاعلام المحلي تصريحات للحكومة بأن الغاز المصري انقطت امداداته عن المملكة، ثم تبدا بعدها «اسطوانة» ارتفاع كلف استيراد زيت الوقود، والخزينة تتحمل يوميا 3.5 مليون دينار كلف استيراد بديل الغاز المصري، وان عجز الموازنة تجاوز الخطوط الحمراء وسيصل الى ثلاثة مليارات، في حين كلفة فاتورة الطاقة ستصل الى 4.5 مليار دينار، وغيرها من العبارات التي مل المواطن من سماعها.
نفس النغمة كانت عندما يتحدث المسؤولين عن الصخر الزيتي الذي تبنت احدى الحكومات السابقة خطابا اعلاميا اعلانيا عنه لدرجة انها لم تترك مناسبة الا وتحدث عن احتياطياته التي تراوحت بين 40 الى 60 مليار طن، وان الصخر الزيتي الأردني أجود نوعا مقارنة مع الولايات المتحدة، وان المملكة ثاني أغنى دولة بالعالم بالنسبة لاحتياطات الصخور الزيتية، ثم قامت الحكومة برفع اسعار المحروقات مرتين خلال ثلاثة شهور، وبعدها لم يعد احد يتحدث عن الصخر الزيتي.
لا اعتقد ان الغاز المصري اهم استراتيجيا للاردن من النفط العراقي الذي كان يمنح للمملكة باسعار تفضيلية ساهمت بتعزيز الاستقرار المالي للمملكة لاكثر من 25 عاما، ومع ذلك استطاع الاردن التكيف مع انقطاعه مباشرة بفضل الدعم الخليجي في المرحلة الاولى ثم الاعتماد تدريجيا على السوق العالمية.
ليس من المعقول ان تبقى الدولة اسيرة الغاز المصري، فالحكمة تدعو المسؤولين الى ايجاد بدائل لهذا القطاع الحيوي، فالاصل ان لا تبقى محطات الكهرباء حبيسة امدادات الغاز المصري، وانما يجب ان يكون هناك حزمة امدادات بديلة ومتنوعة، فالاستراتيجية الصحيحة هي التي تملك خيارات الحركة.
مع الانقطاع الخامس عشر لامدادات الغاز المصري يتضح ان مسالة السيطرة على الانابيب وحمايتها باتت معقدة في ظل حالة عدم الاستقرار في الشقيقة مصر، حتى مع وعود المسؤولين المصريين بعودة الامور الى سابق عهدها فان ضخ الغاز المصري الان لا يتجاوز ال75 مليون متر مكعب، في حين ان الاتفاقية تنص على توريد 220 مليون متر مكعب يوميا.
واجب المسؤولين الان الكف عن الحديث عن وعود الغاز المصري التي تبخرت، وبناء منظومة خيارات واقعية لهذه المادة الحيوية، سواء اكانت من دول الخليج العربي ام من خلال اللجوء للاسواق العالمية بشكل تدريجي ينهي حالة الاضطراب الموجود في القطاع.
مواجهة الواقع المؤلم في قطاع الطاقة هو الكفيل بتوفير مرونة امام الحكومة للتحرك في هذا المجال، لان الشفافية امام الرأي العام سيوفر دعما للجهات الرسمية في اتخاذ القرارات الاستراتيجية الحيوية التي تحمي الامن الاقتصادي وتعزز استقرار المملكة.
Salamah.darawi@gmail.com
(الرأي)