jo24_banner
jo24_banner

برنامج تصحيح جديد

سلامة الدرعاوي
جو 24 : بغض النظر عن التسمية التي اطلقها وزير المالية على اتفاق الاردن الاخير مع صندوق النقد بانه برنامج وطني ، فان المملكة دخلت فعليا ببرنامج تصحيح اقتصادي جديد مدته ثلاث سنوات ، بعد ان كانت قد خرجت منه عام 2003 ، عقب العمل ببرامج مع المؤسسة الدولية لمعالجة الاختلالات في الاقتصاد الاردني استمرت طيلة 14 عاما متتالية ؟
بما ان الحكومات المتعاقبة أخفقت في اعداد برنامج اقتصادي وطني متفق عليه من كافة الجهات الدستورية في الدولة ، وبما ان الجميع اخفق حتى في الالتزام بقانون الموازنة العامة ، ونظرا لتنامي مؤشرات العجز والمديونية لمستويات غير امنة ، فلا باس ان يعود الاقتصاد الوطني الى برامج التصحيح التي حققت في السنوات التي اشرفت خلالها على تحديد مسار الاقتصاد الوطني خلال السنوات (1990-2003) نجاحات مالية نتيجة التزامات كافة الجهات الرسمية ببنود تلك البرامج التي تراقبها المؤسسات الدولية مراقبة حثيثة ، وينظر المانحون اليها على اعتبار ان نتائجها هي المؤشر الحقيقي لكيفية تعامل دولهم مع الاردن.
البرنامج الجديد بين الاردن والصندوق يوفر تسهيلات مالية للمملكة بقيمة ملياري دولار ، وياتي في ظل ظروف استثنائية يمر بها الاردن الذي تعرض لهزات مالية قوية خارجة عن سيطرة الدولة ، ادت الى هبوط كبير في الحوالات والتدفقات السياحية والاستثمارية معا، اضافة الى ارتفاع كبير في المستوردات نتيجة تنامي واردات المملكة من النفط ومشتقاته الذي ارتفعت اسعاره فوق ال100 دولار للبرميل ، مع تنامي انقطاع تدفقات امدادات للغاز المصري.
النجاحات المالية التي حققتها برامج التصحيح في السنوات السابقة كانت على حساب الابعاد الاجتماعية التي وصلت مؤشراتها الى مستويات مقلقة ، كانت نتيجتها المباشرة انتشار جيوب الفقر وارتفاع معدلات البطالة ، لذلك فان من الحكمة ان نتعلم الدرس جيدا هذه المرة ، وان لا يكون العمل الاقتصادي في البرنامج الجديد على حساب التنمية الاجتماعية.
الامر المقلق في برنامج التصحيح الجديد هو انه لم يتطرق لمسالة معالجة المديونية التي تجاوزت مستوياتها قانون الدين العام وتخطت حاجز ال65 بالمائة من الناتج المحلي، فالمليارا دولار ستزيد من اعباء الدين ، وبالتالي فان الحكومة اما ستعدل قانون الدين لترفع الحد المسموح به ، او انها ستخالفه وستبقى على ذلك كما هي الحالة منذ اكثر من عامين تقريبا ، وبالتالي مرشح لان يرتفع الدين الى اكثر من 75 بالمائة من الناتج.
المؤشرات المالية التي اتفق الاردن والصندوق على عودتها الى مستوياتها الامنة كما كانت في السابق لا يمكن ان تتم دون برنامج دولي يلزم الحكومات المختلفة بتنفيذ مضمونه ، فمع نهاية العمل بالبرنامج سنة 2014 فان الحكومة ملتزمة بخفض التضخم الى 3 بالمائة ، وهذا امر صعب المنال بسبب ان عوامل التضخم خارجية اكثر منها داخلية ، اي يصعب السيطرة عليها ، اضافة الى الالتزام بخفض العجز التجاري الى 4.3 بالمائة كنسبة من الناتج بعد المنح ، وهذا مؤشر مهم وايحابي لتحفيز بيئة الاستثمار وتعزيز استقرارها .
البرنامج الجديد اكد على ان نظام ربط سعر صرف الدينار بالدولار سيبقى معمولا به كمرتكز رئيسي للسياسة النقدية ليبعث بذلك برسائل تطمينية للمانحين والمستثمرين ولمجتمع رجال الاعمال المحلي ايضا.
يبقى التحدي الاكبر وهو خفض خسائر شركة الكهرباء والوصول الى تغطية كلف الانتاج مع نهاية 2015 ، وهذا لا يمكن ان يتحقق الا في ظل سياسة رفع الدعم والتي تواجه الحكومات في تطبيقها تداعيات الحراك الشعبي واستياء المواطنين ، فهل تنجح في ذلك ؟."الراي"
Salamah.darawi@gmail.com
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير