فرص أمام الحكومة لإنشاء حالة من الثقة والعافية السياسية
ابراهيم غرايبة
جو 24 : الإجراءات التي قامت بها مؤسسة الغذاء والدواء بملاحقة المخالفات والمخالفين، وما صاحبها من أجواء إيجابية، والثقة بإنجازات إصلاحية ممكنة وواقعية، تؤكد أن الحكومة قادرة، إذا أرادت، على إنشاء حالة سياسية إيجابية، تشجع على المشاركة وتعزز العملية السياسية والتنموية، وربما تعزل عمليات مقاطعة الانتخابات النيابية المقبلة. ففي الوقت الذي يثق الناس بجدية الحكومة في الإصلاح، وأن ثمة إرادة حقيقية لإصلاح الخلل، سوف تزيد المشاركة السياسية ويعتقد الناس بجدواها ومعناها، ويغيرون الفكرة الراسخة والسائدة عن انغلاق العملية السياسية وأنها لم تعد تساهم في الإصلاح والتغيير الإيجابي.
هناك الكثير من المبادرات السريعة والإيجابية وغير المكلفة ماديا، تستطيع الحكومة القيام بها فورا، وتحقق بذلك نتائج فورية إيجابية تنعكس على المشاركة وزيادة الثقة، مثل إكمال مواجهة الاعتداء على شبكات المياه العامة وتحويل سارقي المياه إلى العدالة، والتأكد من عدالة وكفاء نظام توزيع المياه على المواطنين، ووقف كل أشكال المحاباة والترهل والتمييز التي يتحدث عنها مواطنون، وما يقال عن تقاعس أو تردد في التصدي لسرقة المياه ومحاسبة السارقين، وتحصيل كل المستحقات للخزينة التي يتهرب أو يمتنع كثير من الناس عن أدائها، مثل الكهرباء والأجور والأقساط والالتزامات والغرامات المختلفة للخزينة، ووقف كل النفقات غير اللازمة، مثل استخدام السيارات والمرافق والمكافآت والبدلات والامتيازات والعطايا غير القانونية أو غير اللازمة.
وتستطيع الحكومة أن تقوم بعمليات سريعة وفورية لمواجهة التهرب الضريبي. ويمكنها بذلك أن تحقق وفرا هائلا للخزينة، والأهم من ذلك أنها تؤكد للمواطنين جديتها في العدالة وإدارة النفقات العامة بكفاءة، ووقف كل ممارسات التهرب الضريبي التي لا تصيب فقط الموارد العامة بالنقص والخلل، بل تصيب العملية السياسية والإدارية برمتها بالعطب، لأن الشعور بعدم المساواة يشجع على مزيد من التهرب الوظيفي والضرائبي، والعكس صحيح أيضا؛ فإن العدالة في الإدارة الضريبية ستؤدي إلى مبادرات إيجابية كثيرة لدى المكلفين، وسوف تزيد حافزية ودافعية الموظفين والمواطنين عموما إلى التعاون وأداء واجباتهم.
ويمكن أن تقوم الحكومة بمراجعة سريعة وشاملة لكل التعيينات في المناصب والوظائف القيادية وبعقود، وتعدلها على النحو الذي يوقف الفضائح والتجاوزات، وينصف أصحاب الحقوق، ويدفع إلى قيادة العمل الإداري أفضل الكفاءات الموجودة في البلد، أو على الأقل تنهي التعيينات الفضائحية التي منحت لغير مستحقيها مزايا خرافية على حساب منافسين أكفاء. فالحكومات المتعاقبة بذلك استفزت المواطنين، وأشعرتهم بالتجاهل، وأضرت بمجمل الإدارة العامة عندما حولتها إلى دائرة مغلقة ومحتكرة يتقدم فيها من لا يستحق ويؤخر من يستحق. والواقع أنه لا مصلحة للحكومة في ذلك؛ هي مصلحة صغيرة لبعض المتنفذين تدمر موثوقية الحكومة وصدقيتها، وتهدر فاعلية الموارد العامة والضرائب التي تجبى من المواطنين.
ويمكن أن تقوم وزارات التربية والتعليم والصحة والتنمية الاجتماعية بمبادرات سريعة وذات مردود عال في مستوى الخدمات الأساسية والعامة، وتضفي ثقة كبيرة على الحكومة وإجراءاتها للعملية الانتخابية والإصلاح السياسي بعامة. فتستطيع وزارة التربية والتعليم أن تستنفر كل إمكاناتها المتاحة لتستوعب جميع الطلبة الراغبين في الانتقال إلى المدارس الحكومية، وتنظر فيما يمكن أن تعمله لتزيد قدرتها الاستيعابية، وتعلن أيضا عن حملة صيانة شاملة للمدارس الحكومية يمكن أن يشارك فيها عشرات الآلاف من طلبة المدارس والجامعات والمواطنين، وأن تبدأ بملء الشواغر من المعلمين لتستعد لعام دراسي قادم بمستوى وفاعلية أفضل. توجد لدى وزارة التربية والتعليم موارد وفرص متاحة غير مفعلة، وما تحتاجه هو أن تفعل هذه الموارد. صحيح أن البلد بحاجة إلى مئات المدارس الجديدة، ولكن يمكن زيادة القدرات الاستيعابية وتطوير وإصلاح العملية التعليمية بنسبة معقولة. كذلك، تستطيع وزارة الصحة أن ترفع كفاءة ومستوى خدمات المستشفيات والمراكز الصحية، وأن تقوم بسلسلة من التفتيش والمتابعة لأداء كوادر الوزارة، وأن ترشد وتفعل عمليات شراء وتوزيع الأدوية على نحو يخدم المواطن أكثر بكثير من الواقع الحالي ومن غير زيادة في النفقات. والأمر ذاته بالنسبة لوزارة التنمية الاجتماعية وما تقدمه من خدمات اجتماعية للمواطنين وللفئات الخاصة. بالطبع، فإن الوزارة بحاجة إلى مضاعفة ميزانيتها وفريقها لتستطيع القيام بواجباتها، ولكنها تستطيع تحسين الخدمات المتاحة وزيادة فاعليتها.
نتحدث عن برنامج حكومي لمدة أربعة أشهر ومن غير زيادة في النفقات والتكاليف، ولكنه قادر على حشد المواطنين مع الحكومة في الثقة بها وبالعملية السياسية والانتخابات النيابية المقبلة، وتقليل أثر المقاطعة، فالمجتمعات تنظر في المحصلة إلى مستوى وفاعلية الخدمات الأساسية التي تقدمها الحكومة، وهي تنظر إلى المشاركة في الانتخابات النيابية والعملية السياسية بعامة على هذا الأساس."الغد"
هناك الكثير من المبادرات السريعة والإيجابية وغير المكلفة ماديا، تستطيع الحكومة القيام بها فورا، وتحقق بذلك نتائج فورية إيجابية تنعكس على المشاركة وزيادة الثقة، مثل إكمال مواجهة الاعتداء على شبكات المياه العامة وتحويل سارقي المياه إلى العدالة، والتأكد من عدالة وكفاء نظام توزيع المياه على المواطنين، ووقف كل أشكال المحاباة والترهل والتمييز التي يتحدث عنها مواطنون، وما يقال عن تقاعس أو تردد في التصدي لسرقة المياه ومحاسبة السارقين، وتحصيل كل المستحقات للخزينة التي يتهرب أو يمتنع كثير من الناس عن أدائها، مثل الكهرباء والأجور والأقساط والالتزامات والغرامات المختلفة للخزينة، ووقف كل النفقات غير اللازمة، مثل استخدام السيارات والمرافق والمكافآت والبدلات والامتيازات والعطايا غير القانونية أو غير اللازمة.
وتستطيع الحكومة أن تقوم بعمليات سريعة وفورية لمواجهة التهرب الضريبي. ويمكنها بذلك أن تحقق وفرا هائلا للخزينة، والأهم من ذلك أنها تؤكد للمواطنين جديتها في العدالة وإدارة النفقات العامة بكفاءة، ووقف كل ممارسات التهرب الضريبي التي لا تصيب فقط الموارد العامة بالنقص والخلل، بل تصيب العملية السياسية والإدارية برمتها بالعطب، لأن الشعور بعدم المساواة يشجع على مزيد من التهرب الوظيفي والضرائبي، والعكس صحيح أيضا؛ فإن العدالة في الإدارة الضريبية ستؤدي إلى مبادرات إيجابية كثيرة لدى المكلفين، وسوف تزيد حافزية ودافعية الموظفين والمواطنين عموما إلى التعاون وأداء واجباتهم.
ويمكن أن تقوم الحكومة بمراجعة سريعة وشاملة لكل التعيينات في المناصب والوظائف القيادية وبعقود، وتعدلها على النحو الذي يوقف الفضائح والتجاوزات، وينصف أصحاب الحقوق، ويدفع إلى قيادة العمل الإداري أفضل الكفاءات الموجودة في البلد، أو على الأقل تنهي التعيينات الفضائحية التي منحت لغير مستحقيها مزايا خرافية على حساب منافسين أكفاء. فالحكومات المتعاقبة بذلك استفزت المواطنين، وأشعرتهم بالتجاهل، وأضرت بمجمل الإدارة العامة عندما حولتها إلى دائرة مغلقة ومحتكرة يتقدم فيها من لا يستحق ويؤخر من يستحق. والواقع أنه لا مصلحة للحكومة في ذلك؛ هي مصلحة صغيرة لبعض المتنفذين تدمر موثوقية الحكومة وصدقيتها، وتهدر فاعلية الموارد العامة والضرائب التي تجبى من المواطنين.
ويمكن أن تقوم وزارات التربية والتعليم والصحة والتنمية الاجتماعية بمبادرات سريعة وذات مردود عال في مستوى الخدمات الأساسية والعامة، وتضفي ثقة كبيرة على الحكومة وإجراءاتها للعملية الانتخابية والإصلاح السياسي بعامة. فتستطيع وزارة التربية والتعليم أن تستنفر كل إمكاناتها المتاحة لتستوعب جميع الطلبة الراغبين في الانتقال إلى المدارس الحكومية، وتنظر فيما يمكن أن تعمله لتزيد قدرتها الاستيعابية، وتعلن أيضا عن حملة صيانة شاملة للمدارس الحكومية يمكن أن يشارك فيها عشرات الآلاف من طلبة المدارس والجامعات والمواطنين، وأن تبدأ بملء الشواغر من المعلمين لتستعد لعام دراسي قادم بمستوى وفاعلية أفضل. توجد لدى وزارة التربية والتعليم موارد وفرص متاحة غير مفعلة، وما تحتاجه هو أن تفعل هذه الموارد. صحيح أن البلد بحاجة إلى مئات المدارس الجديدة، ولكن يمكن زيادة القدرات الاستيعابية وتطوير وإصلاح العملية التعليمية بنسبة معقولة. كذلك، تستطيع وزارة الصحة أن ترفع كفاءة ومستوى خدمات المستشفيات والمراكز الصحية، وأن تقوم بسلسلة من التفتيش والمتابعة لأداء كوادر الوزارة، وأن ترشد وتفعل عمليات شراء وتوزيع الأدوية على نحو يخدم المواطن أكثر بكثير من الواقع الحالي ومن غير زيادة في النفقات. والأمر ذاته بالنسبة لوزارة التنمية الاجتماعية وما تقدمه من خدمات اجتماعية للمواطنين وللفئات الخاصة. بالطبع، فإن الوزارة بحاجة إلى مضاعفة ميزانيتها وفريقها لتستطيع القيام بواجباتها، ولكنها تستطيع تحسين الخدمات المتاحة وزيادة فاعليتها.
نتحدث عن برنامج حكومي لمدة أربعة أشهر ومن غير زيادة في النفقات والتكاليف، ولكنه قادر على حشد المواطنين مع الحكومة في الثقة بها وبالعملية السياسية والانتخابات النيابية المقبلة، وتقليل أثر المقاطعة، فالمجتمعات تنظر في المحصلة إلى مستوى وفاعلية الخدمات الأساسية التي تقدمها الحكومة، وهي تنظر إلى المشاركة في الانتخابات النيابية والعملية السياسية بعامة على هذا الأساس."الغد"