عدم اليقين المؤدي إلى المعرفة!
ابراهيم غرايبة
جو 24 : كيف نميز بين العالِم وغيره؟ كيف نميز بين أهل الحلّ والعقد وغيرهم؟ كيف نميز المحكم من المتشابه؟ كيف نميز التأويل الصائب من الخاطئ؟
نحن لا نعرف على وجه اليقين العالِم من غيره، وكيف نعرف؟ أو لا نملك مرجعية أو أداة صحيحة موثوقة لتمييز العالِم، ومن ثم تمييز الآراء والأقوال والفتاوى والأحكام؛ فليس لدينا سوى افتراض أن جميع أصحاب الآراء علماء! على الأقل في المسألة التي أبدوا رأيهم فيها، وأن نفترض أن جميع الآراء والأفكار والمقولات يمكن أن تكون صوابا! وحتى النصوص القرآنية المجمع على أنها نزلت من السماء، فإن أحدا لا يملك التمييز بين المحكم والمتشابه؛ ما يعني أن جميع الآيات يمكن أن تكون متشابهة! ولا يملك أحد الزعم بتأويل صحيح لها، ذلك أنه "وما يعلم تأويله إلا الله..".
الردّ البديهي الذي يقوله جميع الأطراف على اختلاف آرائهم هو "الشورى". وتكاد تكون هذه الإجابة مجمعا عليها. وبالطبع، فسوف نقع في الاختلاف فورا بمجرد أن نفكر في التشاور أو تطبيق مبدأ الشورى؛ فجميع الناس مؤهلون نظريا ليكونوا من مجلس أو أهل الشورى، ولا مجال عمليا سوى الاختيار من بين الناس مجلسا يفوضونه بـ"الشورى". ولا يملك الناس حتى اليوم أداة أفضل أو أعدل من الانتخاب لاختيار أهل الشورى أو أهل الحلّ والعقد.
والانتخاب ليس صوابا بالضرورة؛ يبدو ذلك واضحا في نتائج الانتخابات في جميع أنحاء العالم. لكن لا نملك سوى أن نلجأ إلى الانتخاب مع إدراكنا أن النتيجة ليست بالضرورة هي الصواب أو الأكثر صوابا، ولكننا لا نملك سوى احترام هذه النتيجة، لأن البديل الوحيد للانتخاب هو الغلبة والقوة، ويبدو منطقيا أن يفضل الناس مجموعة منتخبة حتى لو كانت أقل كفاءة وأهلية، على من يأتي بالغلبة والقهرة حتى لو كان أفضل كفاءة وعلما ودينا.
نحن لا نملك سوى الانتخاب واختيار رأي الأغلبية، ليس لأن ذلك هو الصواب، ولكن لأننا لا نعرف الصواب أو لا نجمع عليه؛ ما يعني بالضرورة أننا حتى مع اختيارنا لرأي الأغلبية المنتخبة، فإن جميع الآراء والمواقف الأخرى يجب أن تظل تحظى بالحرية والفرصة نفسها التي حظيت بها الأغلبية، لأننا لا نعرف إن كانت الأقلية صوابا أو خطأ، ولا نعرف إن كنا بعد فترة من الزمن سنختار رأي وأهل الأغلبية اليوم، أم سوف نختار من هم اليوم أقلية أو الرأي الذي أيدته أقلية من الناس.
وهكذا لا يقودنا الى الصواب والحقيقة وما أمرنا الله أن نفعله، سوى الحرية وعدم المعرفة والإقرار بذلك؛ فالفكرة الوحيدة التي نجمع عليها هي أننا لا نعرف.
(الغد)
نحن لا نعرف على وجه اليقين العالِم من غيره، وكيف نعرف؟ أو لا نملك مرجعية أو أداة صحيحة موثوقة لتمييز العالِم، ومن ثم تمييز الآراء والأقوال والفتاوى والأحكام؛ فليس لدينا سوى افتراض أن جميع أصحاب الآراء علماء! على الأقل في المسألة التي أبدوا رأيهم فيها، وأن نفترض أن جميع الآراء والأفكار والمقولات يمكن أن تكون صوابا! وحتى النصوص القرآنية المجمع على أنها نزلت من السماء، فإن أحدا لا يملك التمييز بين المحكم والمتشابه؛ ما يعني أن جميع الآيات يمكن أن تكون متشابهة! ولا يملك أحد الزعم بتأويل صحيح لها، ذلك أنه "وما يعلم تأويله إلا الله..".
الردّ البديهي الذي يقوله جميع الأطراف على اختلاف آرائهم هو "الشورى". وتكاد تكون هذه الإجابة مجمعا عليها. وبالطبع، فسوف نقع في الاختلاف فورا بمجرد أن نفكر في التشاور أو تطبيق مبدأ الشورى؛ فجميع الناس مؤهلون نظريا ليكونوا من مجلس أو أهل الشورى، ولا مجال عمليا سوى الاختيار من بين الناس مجلسا يفوضونه بـ"الشورى". ولا يملك الناس حتى اليوم أداة أفضل أو أعدل من الانتخاب لاختيار أهل الشورى أو أهل الحلّ والعقد.
والانتخاب ليس صوابا بالضرورة؛ يبدو ذلك واضحا في نتائج الانتخابات في جميع أنحاء العالم. لكن لا نملك سوى أن نلجأ إلى الانتخاب مع إدراكنا أن النتيجة ليست بالضرورة هي الصواب أو الأكثر صوابا، ولكننا لا نملك سوى احترام هذه النتيجة، لأن البديل الوحيد للانتخاب هو الغلبة والقوة، ويبدو منطقيا أن يفضل الناس مجموعة منتخبة حتى لو كانت أقل كفاءة وأهلية، على من يأتي بالغلبة والقهرة حتى لو كان أفضل كفاءة وعلما ودينا.
نحن لا نملك سوى الانتخاب واختيار رأي الأغلبية، ليس لأن ذلك هو الصواب، ولكن لأننا لا نعرف الصواب أو لا نجمع عليه؛ ما يعني بالضرورة أننا حتى مع اختيارنا لرأي الأغلبية المنتخبة، فإن جميع الآراء والمواقف الأخرى يجب أن تظل تحظى بالحرية والفرصة نفسها التي حظيت بها الأغلبية، لأننا لا نعرف إن كانت الأقلية صوابا أو خطأ، ولا نعرف إن كنا بعد فترة من الزمن سنختار رأي وأهل الأغلبية اليوم، أم سوف نختار من هم اليوم أقلية أو الرأي الذي أيدته أقلية من الناس.
وهكذا لا يقودنا الى الصواب والحقيقة وما أمرنا الله أن نفعله، سوى الحرية وعدم المعرفة والإقرار بذلك؛ فالفكرة الوحيدة التي نجمع عليها هي أننا لا نعرف.
(الغد)