2024-08-21 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

الخلافة هي الحكم والبيعة.. هي المواطنة

ابراهيم غرايبة
جو 24 : الخليفة هو الحاكم؛ ليس أكثر ولا أقل. ويمكن تسميته الملك، أو السلطان، أو رئيس الجمهورية، أو رئيس الدولة، أو الإمام، أو مستشار الدولة، أو أمير المؤمنين، أو سكرتير الدولة.. فلا تغير التسميات في جوهر الفكرة شيئا. والشعوب تنشئ دولها وتختار حاكما؛ بالانتخاب أو التوافق أو الغلبة.
وعلى هذا الأساس، فجميع البلاد الإسلامية القائمة اليوم هي "خلافة" أو "خلافات"، وجميع حكامها "خلفاء"؛ لا يغير في تسمياتها وفي الحكم عليها أن تكون فاشلة أو ناجحة، مستبدة أو عادلة، ديمقراطية أو أوتوقراطية، متقدمة أو متخلفة أو نامية، تطبق الشريعة الإسلامية أو لا تطبقها. جميعها دول إسلامية وتصف نفسها بالإسلامية، وحكامها مسلمون (عدا لبنان). علما أنه لا يغير من صفتها أو الحكم عليها أيضا أن يكون الحاكم غير مسلم؛ فالمواطنة هي أساس الحكم، وإذا اختار المواطنون (مسلموهم وغير مسلميهم) مواطنا غير مسلم ليحكمهم، فلا يغير ذلك من صفة الدولة وأحكامها، وإذا لم تطبق الحكومة الشريعة الإسلامية (جزئيا أو كليا) فلا ينفي ذلك عنها صفة الإسلام ولا عن الحكام.
وحتى تسمية الخلافة فهي مسألة تاريخية، جاءت في سياق الأحداث التي أعقبت وفاة الرسول؛ فاختار الناس خليفة للرسول وسموه خليفة رسول الله، ثم وبالنزعة اللغوية للتسهيل والاختصار، صار يسمى الخليفة. وبعده اقترح عمر تسمية "أمير المؤمنين". هي ببساطة، عملية إنسانية وليست دينية، ولم يوصِ الرسول بشيء، ولم ينزل وحي بذلك. ولا يعقل أبدا أن يختلف كبار الصحابة هذا الاختلاف الذي وصل حد الاقتتال بشأن الخلافة والحكم، لو كانت المسائل بهذا الوضوح.
بطبيعة الحال، ومهما كانت المسائل، فإن توحيد الأقطار "الإسلامية"، وشرعية الحكام، يحكمهما اعتبارات واقعية هي أقوى من كل المقولات والأفكار (على افتراض أن ثمة تعاليم ومبادئ دينية واضحة ومحددة بهذا الخصوص). فالدول تتخذ أقاليم وحدودا وتختار سلطتها، وفق تدافع الدول والأحداث والصراعات والتفاهمات والتحديات. هكذا تشكلت الدول في أقاليمها، كما سلطاتها وحدودها، على مدى التاريخ والجغرافيا، في بلاد المسلمين وغير المسلمين.
وفي جميع الأحوال، فإن الأحكام الشرعية (إن وجدت) تطبق من خلال الناس، وتفهم وتطبق من خلال فهم الناس، بما يحتمله ذلك من ذكاء وإيمان وصواب، وأهواء وتحيزات وحسن أو سوء نية، وخيال وخبرات وتجارب واقتباس، ولا تحدد صفتها الشرعية أو غير الشرعية إلا بقرار بشري، وهؤلاء البشر لا يملكون حقا أو تفويضا من السماء؛ هم يفعلون ذلك بالسلطة التي حصلوا عليها بالغلبة أو التوافق أو الاتباع او الانتخاب. إذن، فالمسألة مهما كانت، وحتى لو اتفقنا مع دعاة الخلافة، لن تخرج عن السلوك البشري في السلطة.. فليست سوى غلبة أو انتخاب!
(الغد)
تابعو الأردن 24 على google news