إبراهيم عثمان.. الريفي المتمرد
ابراهيم غرايبة
جو 24 : برغم المتعة في السرد، والدهشة التي يقدمها إبراهيم عثمان في كتابه "ريفي متمرد"، إلا أن هذا الكتاب يكاد يكون ورشة "سوسيولوجية"، استخدم فيها عثمان قصة حياته تجربة يقدم من خلالها دروسا واستنتاجات وخلاصات في التقدم الاجتماعي وعلم الاجتماع. ولذلك، جاءت الخاتمة التي توصل إليها بعد عرض سيرته الذاتية، متعلقة بإصلاح التعليم بعامة والتعليم الجامعي بخاصة، وملاحظة المفارقة المحزنة في الأردن؛ بأنه في مرحلة اقتصاد المعرفة، بدأ التعليم يتراجع في مخرجاته المعرفية والبشرية! ليدعو في المقابل إلى نهضة تعليمية تقوم على العدالة والكفاءة في الإدارة التعليمية، وبناء التعليم المدرسي والجامعي على أساس مهارات التفكير.
عمل أ. د. إبراهيم عثمان أستاذا لعلم الاجتماع في الجامعة الأردنية منذ العام 1970. وقد أتاحت له تجربة التدريس في الخليج بين العامين 1977 و1990، ثم العودة مرة أخرى الى الجامعة الأردنية، ملاحظة الفروق والتحولات الكبرى في التعليم والتدريس الجامعي. فقد كانت الجامعة، كما يقول، تشهد في السبعينيات حالة من الزخم المعرفي والثقافي، وكانت تستقبل أفضل الطلبة، ثم تبتعث أكثرهم تمكناً لإكمال دراستهم العليا في أهم الجامعات العالمية. لكن الجامعات تغيرت معاييرها وتوسعت، متساهلة في قبول الطلبة والأساتذة؛ فتراجع التعليم، سواء على مستوى الطلبة أو الأساتذة، واختفى النشاط الطلابي الثقافي والسياسي الذي قدم للدولة والمجتمع قيادات ثقافية واجتماعية وسياسية، ليحل مكانه العنف الجامعي والمعرفة الضحلة! إبراهيم عثمان المعروف في الوسط الأكاديمي والعام باعتباره أحد رواد علم الاجتماع الأردنيين والعرب، له سيرة طريفة وغنية قبل ذلك. فقد شهد النكبة (1948) في سن تتيح له المراقبة والتذكر بدون مشاركة؛ وعمل فترة وجيزة في التدريس بعد إتمام الثانوية، وهي تجربة على قصرها جعلته يستنتج -وأوافقه في ذلك- أن التعليم لم يكن جديا، ولم يكن بخير منذ مرحلة مبكرة، رغم كل الأدلة الصحيحة التي تخالف هذه المقولة! تعلم إبراهيم عثمان المساحة في الجامعة الأميركية في بيروت، وعمل مساحا في الكويت في فترة الخمسينيات. ولكن طموحاته بإكمال دراسته جعلته يترك العمل ويسافر للدراسة في الجامعة الأميركية في القاهرة (1957–1961) في مجال الأنثروبولوجي. وقد عمل بعد تخرجه محاسبا في الكويت بعد قصة طريفة. إذ سأله الموظف الذي قابله: "شو يعني أنثروبولوجي؟". فأجابه: محاسبة رواتب! ذلك أن إعلان الوظيفة كان محاسب رواتب. وبعد أن جمع مبلغا من المال، سافر مرة أخرى لدراسة الماجستير في القاهرة، وعمل في التدريس في كلية المعلمين بالقدس، ثم ابتُعث للدراسة في جامعة ماساتشوستس. وعندما أتم الدكتوراه، عمل في التدريس الجامعي منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم.
سيرة الأستاذ إبراهيم عثمان غنية بالتجارب والدروس والطرائف والاعترافات، وتتناول القضايا العامة واليومية مباشرة وبجرأة، تصلح للقراءة العامة والثقافية، وتصلح أيضا رأيا وموقفا فكريا وأكاديميا في التعليم والقضايا الاجتماعية والإنسانية!
ibrahim.gharaibeh@alghad.jo
(الغد)
عمل أ. د. إبراهيم عثمان أستاذا لعلم الاجتماع في الجامعة الأردنية منذ العام 1970. وقد أتاحت له تجربة التدريس في الخليج بين العامين 1977 و1990، ثم العودة مرة أخرى الى الجامعة الأردنية، ملاحظة الفروق والتحولات الكبرى في التعليم والتدريس الجامعي. فقد كانت الجامعة، كما يقول، تشهد في السبعينيات حالة من الزخم المعرفي والثقافي، وكانت تستقبل أفضل الطلبة، ثم تبتعث أكثرهم تمكناً لإكمال دراستهم العليا في أهم الجامعات العالمية. لكن الجامعات تغيرت معاييرها وتوسعت، متساهلة في قبول الطلبة والأساتذة؛ فتراجع التعليم، سواء على مستوى الطلبة أو الأساتذة، واختفى النشاط الطلابي الثقافي والسياسي الذي قدم للدولة والمجتمع قيادات ثقافية واجتماعية وسياسية، ليحل مكانه العنف الجامعي والمعرفة الضحلة! إبراهيم عثمان المعروف في الوسط الأكاديمي والعام باعتباره أحد رواد علم الاجتماع الأردنيين والعرب، له سيرة طريفة وغنية قبل ذلك. فقد شهد النكبة (1948) في سن تتيح له المراقبة والتذكر بدون مشاركة؛ وعمل فترة وجيزة في التدريس بعد إتمام الثانوية، وهي تجربة على قصرها جعلته يستنتج -وأوافقه في ذلك- أن التعليم لم يكن جديا، ولم يكن بخير منذ مرحلة مبكرة، رغم كل الأدلة الصحيحة التي تخالف هذه المقولة! تعلم إبراهيم عثمان المساحة في الجامعة الأميركية في بيروت، وعمل مساحا في الكويت في فترة الخمسينيات. ولكن طموحاته بإكمال دراسته جعلته يترك العمل ويسافر للدراسة في الجامعة الأميركية في القاهرة (1957–1961) في مجال الأنثروبولوجي. وقد عمل بعد تخرجه محاسبا في الكويت بعد قصة طريفة. إذ سأله الموظف الذي قابله: "شو يعني أنثروبولوجي؟". فأجابه: محاسبة رواتب! ذلك أن إعلان الوظيفة كان محاسب رواتب. وبعد أن جمع مبلغا من المال، سافر مرة أخرى لدراسة الماجستير في القاهرة، وعمل في التدريس في كلية المعلمين بالقدس، ثم ابتُعث للدراسة في جامعة ماساتشوستس. وعندما أتم الدكتوراه، عمل في التدريس الجامعي منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم.
سيرة الأستاذ إبراهيم عثمان غنية بالتجارب والدروس والطرائف والاعترافات، وتتناول القضايا العامة واليومية مباشرة وبجرأة، تصلح للقراءة العامة والثقافية، وتصلح أيضا رأيا وموقفا فكريا وأكاديميا في التعليم والقضايا الاجتماعية والإنسانية!
ibrahim.gharaibeh@alghad.jo
(الغد)