jo24_banner
jo24_banner

على من تكذبون؟!!

د. محمد العودات
جو 24 : لسان حال اغلبية الشعب الاردني الصامته بمختلف فئاتها العمرية والاجتماعية، ولا اسمي نفسي ممثلا لها فهي اكبر من ان يمثلها شخص بعينه او حزب بمفردة ايا كان، يردد السؤال المطروح عنوانا لهذا المقال. والسؤال حتما موجه للحكومة الظاهرة للعيان و الاخرى الخفية، ان جاز التعبير، حيث اصبح من غير المشكوك فيه وجود مثل هذه القوى الحاكمة الخفية والتي تقول كلمتها في المواقف الحاسمة والمفصلية سواءا تحت القبة، كما جرى في قضية الفوسفات الشهيرة، وخارج القبة في اروقة هيئة (مماطلة) الفساد، قرصنة بعض المواقع الاخبارية، افتعال اختناقات اجتماعية غير مبررة وذات توقيتات قاتلة كالعنف الجامعي وفاتورة الكهرباء واخيرا التعامل غير المسؤول مع حراك الشارع وامثلته المعروفة المؤسفة.

الجدير بالذكر هنا ان هذا السؤال يُطرح في محطات عديدة من عمر الحكومة تكاد تكون غالبة تبدأ من البيان الوزاري بما فية من وعود نرجسية لا يصدقها عاقل وقد ملّ الناس تكرارها من قبل الحكومات المتعاقبة، الى الخطط الاستراتيجية والمشاريع الاستثمارية والوهمية لمختلف الوزارات والهيئات التي يُطبـّـل و(يُسحّــج) لها وتُـقترض اموالها من البنك الدولي وغيره ثم لا تلبث ان تموت بارضها او تنهب دونما مسائلة، مشروع الموازنة العامة وارقام الدين الخارجي والداخلي والحلول البديلة للمشكلات المزمنة التي اصبحت هي نفسها بحاجة لحلول وكذلك التصريحات الانية التي تصدر في اثر حادث ما كتبرير رحيل باخرة بحجم حي كامل دون انتباه السلطات، حالات طعن وانتحارمريبة متفرقة لشباب اردنيين وناشطين، حرق مقرات حزبية في ملابسات غريبة، تعثر انتاج قانون انتخاب عصري وغيرها من تشريعات الاصلاح التي تأخر انتاج مسودتها دون مبرر مقنع.

من المؤسف فعلا ان يكون هناك من يصدق ان في الشارع الاردني من يشتري مثل هذه الحجج والتبريرات. ومن المؤسف اكثر ان يكون هناك من يستخف بحالة عدم الرضى الواسعة عن اداء اهم ركائز النظام البنيوي للدولة الاردنية السلطتين التشريعية والتنفيذية مبررا ذلك لقلة اعداد الناشطين في الشارع وعدم توفر قيادة موحدة تمثلهم او لغياب ما يسمى بالبرامج العملية او الى حداثة وهشاشة الاحزاب االسياسة في الساحة وضئالة تمثيلها شعبيا باستثناء الحركة الاسلامية التي قد يظن النظام ان مشروعا توافقيا معها دون اللجوء الى احداث تغييرات جذرية تضمن الاستجابة لمطالب الشارع وتنفس من الاحتقان المتزايد الناجم عن عدم الرضى العام كفيل بانهاء حالة التأزم بل ويستحق الاعلان عن اننا تجاوزنا الربيع الاردني وننعم الان بنفحات صيفه الرغيد.

على من تكذبون؟!! وما يزيد عن سبعين بالمائة من الشعب الاردني هو تحت سن الثلاثين ولدية خبرة ومهارة متميزة بتصفح الانترنت والتفاعل على شبكات التواصل الاجتماعي. بل ان اللغة التي تصاغ بها تلك التصريحات او بالاحرى التبريرات هي لغة قديمة وبروقراطية مجمدة لا تصل الى اذان غالبية الفئة المؤثرة بالمجتمع فكيف ستصل الى العقول والافئدة.

الجهة الوحيدة، برأيي، التي ما زالت تحظى بمصداقية عالية واحترام بين فئات المجتمع الاردني واطيافه المختلفة متمثلة بشخص جلالة الملك فقط. وعليه، ارى ان التدخل المباشر والعلني من الملك في مجريات الاحداث اصبح ضرورة ملحة وضمانة وحيدة واخيرة على ان الاردن بخير وعلى اننا جادون في مسار الاصلاح وبناء الدولة الديموقراطية الحقيقية. قد يكون ذلك من خلال تشكيل فريق مصغر لادارة الازمات تحت اشراف الملك المباشر تكون مهمته متابعة التقدم في مشاريع الاصلاح بشكل يومي وحثيث ومعلن للشعب ويكون اعضائه من ذوي الخبرة والكفاءة والمصداقية في الشارع الاردني لا يقتصر على ذوي الالقاب وحليقي الرؤوس، او من خلال تشكيل ما يسمى بحكومة انقاذ وطني يرأسها هو شخصيا او من يثق بكفائته من داخل العائلة المالكة لعدة اشهر او قد يكون على شكل خطاب تاريخي للامة يوضح الالتباسات ويطمئن النفوس ويحدد خطة عمل واضحة بازمان واجراءات محددة، وذلك اظعف الايمان.

أمّا ان تستمر هذه المسرحية الهزلية التي اتخذت من التبرير حبكة درامية مملة فهو ما يقود البلد الى ما لا يحمد عقباه. لقد بدأ المسرح بالاحتراق من خاصرة الطفيلة الجميلة منذ اسابيع وان لم نعتبر ونكف عن التمثيل ونخرج بالخطاب المقنع والصادق، سيتحقق بنا قول الشاعر: احترق المسرح من اركانه ولم يمت بعد الممثلون.
تابعو الأردن 24 على google news